153
كرامات ومعجزات بيت اللّٰه الحرام
لمّا آلت الكعبة الشريفة، تلك البقعة المقدّسة إلى السقوط، تغيّر طعم ماء زمزم وأصبح مُرّاً لا يُطاق شربُه، فاجتمع العلماء الأعلام ورجال البلد وقرّروا تطهير وتنظيف البئر المذكورة قائلين: إنّ أهل الإيمان يحتاجون إلى شرب الماء من زمزم ويتحسّرون على ذلك. إلّاأنّ تلك العملية كانت تحتاج إلى مبلغ كبير (30) ألف قرش فى ذلك الوقت، وصرف مبلغ كهذا كان بالطبع يتطلّب أمراً من السلطان نفسه، ولم يكن رضوان آقا موكلاً بصرف مبلغ يزيد على (5 - 6) آلاف قرش، فقد أخبر رضوان آقا الجموع بأنّه سيرسل بكتاب إلى والي مصر، ويطلب منه الإذن بصرف ذلك المبلغ، ولكي لا تبقى الأحوال هكذا ويتوقّف العمل إلى حين وصول الجواب قرّر أن يشغل نفسه بعمل ما غير ذلك. هذا وقد توقّف رضوان آقا عن تطهير بئر زمزم حتّىٰ اشعار آخر. ومن جهة أُخرىٰ بدأت مرارة بئر زمزم الشريف تتناقص تدريجيّاً منذ البدء ببناء الكعبة الشريفة، ولمّا انتهت عملية البناء، صار ماء بئر زمزم حلواً بالمرّة، سائغاً شرابه وبهذا فهو لم يحتج إلى تنظيف ولا تطهير.
هذا وكان رضوان اقا قد كتب إلى والي مصر في أوائل ذي القعدة، ذاكراً كلّ ما يحتاجه من الأدوات والآلات والألواح والأخشاب التي يلزم تحضيرها للبناء، وطلب ارسال تلك المواد في أسرع وقت ممكن. وبمجرّد وصول خطاب رضوان آقا قام والي مصر محمّد باشا بتحضير وتهيئة كلّ تلك المستلزمات على الفور، وأحضر كذلك بعض النجّارين والحرفيين وأرسلهم جميعاً نحو الحجاز، فوصلت تلك الأشياء مع أصحابها جدّة في أواخر ذي القعدة وسلّموا مسودّة تضمّ تلك الأشياء إلى أحمد قبّاني أفندي كاتب المالية في جدّة، وقام هذا الأخير (وحسب الأمر الذي كان لديه من قبل رضوان اقا) بإرسال تلك الأشياء إلى