152تطهير وتنظيف تلك الأماكن، فأبدى الحضور آراءهم حول ذلك، وتلخّصت في أنّه من العسير القيام بتطهير وتنظيف الحرم الشريف في مدّة قصيرة. ولأنّ الوقت كان يقترب من موسم الحج، وكانت القوافل تتوافد على مكّة المكرّمة من شتّىٰ الأقطار، رفض رضوان آقا كلّ الآراء التي قيلت في ذلك الاجتماع ولم يقبلها.
وأرسل رجاله إلى القرىٰ والقصبات الواقعة بين المدينة المنوّرة وجدّة، وأمرهم بجلب كلّ دابة مثل البغال والجمال واعطاء أصحابها ضعف الاجرة التي يحصلون عليها، واغرائهم بالحضور مع حيواناتهم إلى مكّة المكرّمة، فلمّا تمَّ له ذلك بدأ بالعمل بهمّة عالية وقام بتطهير البيت الحرام من الأحجار والطين خلال سبعة وعشرين يوماً وانتهىٰ من ذلك في (19 من ذي القعدة الحرام) .
والجدير بالذكر أنَّ مادة الطين والحجارة اللتين جاء بهما السيل إلى داخل الحرم الشريف كانا قد اختلطا وتحجّرا تحت شعاع الشمس مكوّنتين طبقة صلبة في الحرم المذكور، بلغ ارتفاعها حوالى (7 - 8) أذرع ممّا تعذّر تكسيرها حتّىٰ بواسطة المعاول الحديدية. فكانوا يصبّون عليها الماء في الليل ليأتوا في اليوم التالي وقد لانت بعض أجزاء تلك الطبقة الجبلية فيعملون على تكسيرها. وكان العمّال يفصلون الرمل عن الحجارة وينقلون كلّ مادة إلى جهة معيّنة ويضعونها على شكل ركام هناك.
وذكر المرحوم سهيلي أفندي في مضبطته، انّه كانت تُنقل تلك الأحجار والطين والرمال وما إلى ذلك على نحو (30 - 40) ألف مرّة من الحرم إلى خارجه على الدواب. ولمّا امتلأ مجرى عين زبيدة من كثرة الأحجار والطين ابتلي أهل مكّة بعطش شديد وقلّة مياه الشرب، فقام رضوان آقا أيضاً بإصلاح وتعمير بعض أماكن ذلك المجرى الذي تهدّم فانتهىٰ من هذا العمل والخدمة الجليلة في السادس من ذي الحجّة.