61الحجاج، لكن هذه الالتفاتة القرآنية لا تخلو من المضمون المكاني. . أي جهة الالتفاتة. . . فتصبح ( حرماً آمناً) شكلاً مادياً يفي بالمطالب الحياتية الدنيوية النقية، وسيان كان الشكل مادياً أم غير مادي فجماعة الحجاج لم يكونوا طبقة أو جهة متميزة عن الوسط الاجتماعي العام. . إنما هم يؤدون الحجّ ضمن أدوار معينة تحوي أروع محاكاة اجتماعية لوضعية الفائزين بالجنة، ويضعون اناملهم علىٰ أدق الحوافز التي تفصلهم عن تمثُل الدرجة العليا التي تطمح لها ذاكرة الجميع.
أما الآية الثانية فقد استخدمت مفردة ( السياحة ) وهو إشباع لطيف ليس لعموم المكان، بل لأخص رقعة فيه. . . وهي حتماً ما تناسب الذوق السليم. . .
وهذا توّجه كلي بلغة الوجدان إلىٰ خلاصة الطبيعة الجميلة. . لكن الآية تحدّد السياحة بزمن محدّد حاد حاسم فيتدخل الأمر والتشريع، وهذا التحديد جاء من أجل مفهوم « الحج الأكبر » الذي يقع يوماً واحداً في الأشهر الأربعة. . . وكان بإمكان القرآن أن يسمي ويحدّد الحج الأكبر. . لكنه أي - القرآن - أراد أن تحدث جولة سياحية في المكان وتتناهى إلىٰ حصيلة زمنية. . وما كان لهذا الايقاع الزمني والحج الأكبر أن ينسكب في طهارة وفي اختتام المناسك، لو لم يكن هناك انتظار. . فالانتظار في الآية جعل المكان في حالة قلق. . أي إنه في النهاية سيتكلس وسيسفر عن المشركين، ورغم أن أربعة الأشهر تحدّد يوم الحج الأكبر مع اختلاف بسيط في الروايات 1إلّاأنها تتفق علىٰ أن الرسول صلى الله عليه و آله أرسل الإمام علياً عليه السلام لقراءة آيات البراءة من المشركين.
ولا بدَّ من حسم الموقف. . . ولا شك في أن جمرة الانتظار في الآية ستنطفأ وتتجه الموجه باتجاه آخر. . في زحمة تيار أقوىٰ داخل البيت. . وهنا تنتظرنا الآية الرابعة. . . وعند مقطع « ولا جدال في الحج» . وللإشارة؛ فإن الجدال نوع من الحوار الفكري وضرب من التأمل والمناظرة ليس فيه في ذاته حرارة وآلة أو