51من المعطيات القرآنية الممتدة العامة.
فالحج المحمدي يتحرك بضوء ثنائية المفاهيم/المعطيات ومتىٰ ما أتقن الحاج وعي العلاقة بين الاثنين، وترتيب الآثار تنبع على الأثر القيمة الاجتماعية كإنعكاس حتمي للمطلب الأعلىٰ، بيْدَ أن هناك تخليطاً أُستدرِج اليه المتحمسون يفيد أن مجرد التجمع الإسلاميالذي هو (معطىٰ طبيعي) والذي تؤكده مسيرة الحج التاريخية منذ بداية التشريع وحتى الآن سوف يحرر لنا المضمون الاجتماعي الحقيقي لفلسفة الحج. وبالتأمل، فإن الوقفات السنوية الموسمية للحجاج يبقىٰ كصيغة اجتماعية علىٰ مسافة بعيدة عن وحدوية الهدف القرآني للحج. فليس فقط الطقوسية والتجارية أو طغيان الذهنية الفردية، أو الانسجام مع ثقافة الأنظمة السياسية الحاكمة في بلاد المسلمين هي وحدها الأسباب التي أدّت إلىٰ أن تكون شخصية الحج التاريخية محمّلة بالتراكمات والسلبيات، بل ادعى إلىٰ ذلك أن تكون هذه الأسباب ظواهر ومظاهر لسبب أعمق يغور بحجم تأثير الزمن الذي غلّف مسارات أداء الحج وهو؛ الفصل بين المفاهيم (الحج كمطلب أعلىٰ من عامة النصوص يلم بالدلالات الثلاث السابقة) وبين المعطيات التاريخية، ومع الاتجاه فإن الفصل ناتج من عدم وعي العلاقة بين مفاهيم الحج ومعطياته، بل إن الاندفاع في هذا الاتجاه سوّغَ للبعض أن يضع ويركز علىٰ إحلال المعطيات محل المفاهيم، فأحدث هذا على المدىٰ إرباكاً في الأداء الديني والاجتماعي للحج علىٰ صعيديّ الجماعة والفرد، ويضطر الحاج أن يكون منساقاً وراء العروض الطقوسية للفريضة، متنازلاً عن المكاسب التي تماثلت أمامه في حضرة الأداء، وهكذا يكون ضحيةً في عصر يُراد منه أن يكون متمثلاً روحية الحج وجماعته الإسلامية التي تهيكلت علىٰ شكل رسوم وخطوط بقوة ومن حوله وفيه في دائرة المشاهد المقدسة.