50- إذا أراد أن يكون صورة عامة عن دلالاته وانحلالها في الساحة الاجتماعية - أن يقرأها آيةً آيةً، أو حكماً حكماً أو مقطعاً مقطعاً؛ وإنما حتىٰ تترشح وحدة مفهومية ذات طاقة عملية، عليه أن يتوقف عند مفردات النصوص والأحكام كأجزاء يُراد منها أن تؤسس لصيغة عامة ضابطة ومنظمة لكلّ الأبعاد من الداخل والخارج.
ولما كان الحج بإجماع علماء المسلمين 1هو ما يجب على المكلف المستطيع مرة واحدة في العمر فإن ترميز (مرة واحدة في عمر المكلف) تحرّك لنا إجماع النصوص والأحكام وتقودها نحو مصبٍّ واحد هو باختصار؛ المطلب الأعلىٰ لعملية الحج بكاملها. وبقدر ما تندمج العناصر العبادية مع الاجتماعية والسياسية والوجدانية في عملية الحج فإن لمدلول الحج حين يكون مرة واحدة في العمر صورة مكثفة تحتشد فيها حزمة من الرموز معبأة بإمكانية السيطرة علىٰ مساحة الاجتماع البشري وليس الإسلامي فقط « وأذّن في النَّاس بالحجِّ» 2.
التأمل في الصورة العامة للحج في كيفيتيّ الإحرام داخل البيت الحرام وخارجه يقرّب لنا نظاماً خاصاً في الربط بين الدلالات الماثلة في أداء فريضة الحج، ويمكن تصنيف الدلالات إلىٰ:
1 -الدلالات الرمزية.
2 -دلالات البعد الطبيعي (المكان +الزمان) .
3 -الدلالات الوجدانية.
تتسع عمارات النصوص المتعلقة بالحج لاستيعاب هذه الدلالات الثلاث.
ولا يمكن الانتقال إلىٰ تطبيق حرفية النص أو الحكم دون ربط الدلالات السابقة بفعلية الحج الواقعية العملية الكبرىٰ. إذ ليس بمقدور قراءة الأحكام وحدها أن تؤسس لهذه الأبعاد والدلالات مالم نعتقد أولاً بجملة مفاهيم، وبمنتظم متسلسل