28أنفه ويعذبه يوم القيامة عذاباً شديداً» .
نقد الكلام المذكور:
لا بد من الإشارة إلىٰ أن الموارد المذكورة ليست من عداد الآيات القرآنية كي يقول: «إن الحمائم لا تشعر بالخوف؛ لأن البيت مكان آمن» .
ولكن ثِقل الشُبهة يكمن في الموارد الأخرى المتمثلة في أن الحيوانات المتوحشة لا شأن لها بالحيوانات الأليفة فعلاً، حيث لو تمّ إثبات ذلك، لأصبح أمراً جديراً بالنظر والتأمل.
وأما مسألة عدم وقوف الحمائم علىٰ سطح الكعبة، فهي غير مؤكدة؛ لأنه لوحظ أحياناً وقوفها علىٰ سطح الكعبة.
إلّا أنّ ما كان من الآيات، هو لو قصد من أراد خرابها، فإنه - سبحانه وتعالىٰ - لن يمهله طرفة عين أبداً، مثل حادثة أبرهة وأصحاب الفيل ، التي كانت معجزةً خارقةً للعادة. ومثل هذه الآثار تعدّ آثاراً تكوينية، لابد من بقائها وثباتها، وأدنىٰ مستوىٰ يدل علىٰ آية الكعبة، هي آيتها التكوينية، حيث ما انفك الأمن موجوداً في مكة، وأن اللّٰه سبحانه وتعالىٰ أخضع ذلك المجتمع العاصي المتوحش بحيث جعلهم يجلّون حرمة هذا البيت ويحترمونها، والآيات التالية من قبيل: « الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف» 1و « أوَلَم يَروا أنّا جعلنا حرماً آمناً ويُتخطّفُ النّاسُ من حولهم. . .» 2وقوله تعالىٰ « وقالوا إن نتّبعِ الهدىٰ معكَ نُتخطَّف من أرضنا أوَلَم نُمكّن لهم حَرَماً آمِناً يُجبى إليه ثمراتُ كلِّ شيءٍ» 3، هذه الآيات تتعلق بالعصر الجاهلي وقبل تشريع مسألة الأمن. إذن فإن حكم الأمن التشريعي - جاء بعد ظهور الإسلام، إلّاأنّ القرآن الكريم يذكر الأمن الموجود منذ زمن الجاهلية وحتىٰ ظهور الإسلام كدليل. وإلّا فإن جميع هذه الآيات الشريفة نزلت بعد ظهور الإسلام، ولكنها جميعاً تذكّر بالأمن الشائع قبل الإسلام.