27
شبهةٌ حول بركة الكعبة وهدايتها:
يقول صاحب تفسير «المنار» في تفسير آياتٍ بينات وبركة البيت:
«أي فيه دلائل أو علامات ظاهرة لا تخفىٰ علىٰ أحدٍ أحدها أو منها: مقام إبراهيم، أي موضع قيامه فيه للصلاة والعبادة، تعرف ذلك العرب بالنقل المتواتر. فأي دليل أبين من هذا علىٰ كون البيت أول بيت من بيوت العبادة الصحيحة المعروفة في ذلك العهد، وضع ليعبد الناس فيه ربّهم. وإبراهيم أبو الأنبياء في الأرض الذي أبقى أثرهم بجعل النبوة والملك فيهم، لا يعرف لنبيّ قبله أثر، ولا يحفظ له نسب وقوله:
« ومَن دخله كان آمناً» آية ثانية بينة لا يمتري فيها أحد، وهي اتفاق قبائل العرب كلّها على احترام هذا البيت وتعظيمه لنسبته إلى اللّٰه، حتىٰ إن مَن دخله يأمن علىٰ نفسه لا من الاعتداء عليه وايذائه فقط، بل يأمن من أن يثأر منه من سفك هو دماءَهم واستباح حرماتهم مادام فيهم. مضىٰ علىٰ هذا عمل الجاهلية علىٰ اختلافها في المنازع، والأهواء والمعبودات وكثرة ما بينها من الأحقاد والأضغان واقرّه الإسلامُ،
أقول: وقد تقدم في تفسير:
« واتخذوا من مقام إبراهيم مصلىٰ» 1إن بعضهم يقول: إن مقامه عبارة عن موقفه حيث ذلك الأثر للقدمين وإن هذا ضعيف. والكلام هنا في أن مقام إبراهيم مشتمل علىٰ ما ذكره من الأثر، أما الأثر نفسه فقد كانت العرب تعتقد أنه أثر قدمي إبراهيم عليه السلام ثم يواصل شبهتهُ بالقول:
«وعدم تعرض ضواري السباع للصيود فيه هذا القول ضَعيف، إذ ليس آية وعدم نفرة الطير من الناس هناك، ويرد عليه أن الطير تألف الناس لعدم تعرضهم لها، ولذلك نظائر في الأرض، وانحراف الطير عن موازينه، ليس بمتحقق.
ثم يقول بعد ذلك: «إذا أراد أحد الجبابرة أن يظلم فسيضربه اللّٰه، ويرغم