57
اللهُمَّ هذه منى وهي مّما مَنَنْتَ به علينا مِن المناسِكِ، فأسْألُكَ أنْ تَمُنَّ عليَّ بما مَنَنْتَ به علىٰ أنبيائك، فإنّما أنا عبدُك وفي قَبْضَتِكَ 1.
ويُسْتَحَبُّ المَبِيتُ بها ليلةَ التاسع، وأنْ لا يَجُوزَها حتّى تَطْلُعَ الشمسُ، فإذا تَوَجَّهَ إلى عرفاتٍ قال:
اللهمَّ إليك قَصَدْتُ، وإيّاك اعْتَمَدْتُ، ووَجْهَك أردتُ، أسألُك أنْ تُبارِكَ لي في رِحْلتي، وأنْ تَقْضَي لي حاجتي، وأنْ تَجْعَلَنِي مّمن تُباِهي به اليومَ مَنْ هو أفضلُ منّي 2.
ولْيَسْتَمرَّ على التلبية استحباباً إلىٰ أنْ يَصِلَ إلىْ عَرَفَةَ.
الثاني: الوقوفُ بعرفَةَ، وهو الكَوْنُ بها مِن زَوال الشمس إلىٰ غروبها مِن يَوْم التاسعِ مقارِناً أوّلَه بالنيّة - عندَ تحقُّقِ الزَوال مُسْتَدامةَ الحكم إلىٰ آخره -:
«أقِفُ بعَرفَةَ في حجِّ الإسلام حجِّ التمتُّعِ لوجوبه قربةً إلى اللّٰه» . والركنُ منه مسمّى الكَوْنِ بعدَ النيَّة وإنْ كان عابرَ سبيلٍ، وباقيه موصوفٌ بالوجوب لا غيرُ. وحدُّ عَرَفَةَ ما بين ثَوِيَّةَ وعُرَنَةَ وذي الَمجاز وذي الأراك.
وسُنَنُه: الغسلُ قبلَ الزوال، وجَمْعُ الرَحلِ، وقَطْعُ العلائقِ المانعةِ مِن الإقبال على اللّٰه تعالىٰ في ذلك الوقت، والجمعُ بينَ الظهرينِ في أوّل الوقت بأذانٍ وإقامتينِ، والوقوفُ بالسَفْحِ في مَيْسَرَةِ الجبلِ والقُرْبُ منه، والقيامُ بعدَ الصلاة مع الاختيار، واستقبالُ القبلة، وإحضارُ القلب، والإكثارُ مِن التكبير والتحميد والتهليل والتمجيد، والتسبيحُ والثناءُ على اللّٰه تعالى بما هو أهلُه، والاستعاذةُ باللّٰه مِن الشيطان الرجيمِ - فإنّه حريصٌ على أنْ يُذْهِلَ المؤمنَ في ذلك المَوْطنِ الشريفِ - والاستغفارُ بالقلب واللسانِ، وتَعدادُ الذنوبِ، والبُكاءُ أو التباكي، والدعاءُ للإخوانِ وأقلُّهم أربعونَ، والبروزُ تحتَ السماء إلّالضرورةٍ، وصرفُ الزمانِ كلِّه في الدعاء والاستغفار والذكرِ، بل قيل بوجوبه 3، والدعاء المأثور 4وهو