30لإفاضة أنوار اللّٰه، لم تزل الغواشي الإلهية والنفحات الربّانيّة تغشاها، فيغيب عن كلّ شيء سوىٰ جلال اللّٰه وعظمته.
وليتذكّر عند إجابته نداء اللّٰه سبحانه، إجابة ندائه بالنفخ في الصور، وحشر الخلق من القبور، وازدحامهم في عرصات القيامة، مجيبين لندائه، منقسمين إلىٰ: مقرّبين، وممقوتين، ومقبولين، ومردودين، ومردّدين في أول الأمر بين الخوف والرجاء، تردّد الحاج في الميقات: حيث لا يدرون أيتيسّر لهم إتمام الحجّ أم لا.
أما دخول مكة:
فليستحضر عنده أنه قد انتهى إلىٰ حرم اللّٰه الآمن، وليرج عنده أن يأمن بدخوله من عقاب اللّٰه، وليخش أن لا يكون من أهل القرب، وليكن رجاؤه أغلب، فإنّ الكريم عميم، وشرف البيت عظيم، وحقّ الزائر مرعي، وذمام اللائذ المستجير غير مضيّع، خصوصاً عند أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ويستحضر أنّ هذا الحرم مثال للحرم الحقيقي، لترقى من الشوق إلىٰ دخول هذا الحرم والأمن بدخوله من العقاب، إلى الشوق إلىٰ دخول ذلك الحرم والمقام الأمين.
وإذا وقع بعده على البيت فليستحضر عظمته في قلبه، وليترقّ بفكره إلىٰ مشاهدة حضرة ربّ البيت في جوار الملائكة المقرّبين، وليتشوّق أن يرزقه النظر إلىٰ وجهه الكريم، كما رزقه الوصول إلىٰ بيته العظيم، وليتكثّر من الذكر والشكر علىٰ تبليغ اللّٰه إيّاه هذه المرتبة.
وبالجملة، فلا يغفل عن تذكير أحوال الآخرة في كلّ ما يراه، فإنّ كلّ