205والمسلمين فهو ممن أعزّ اللّٰه به الإسلام، وكان موقفه مع الرسول صلى الله عليه و آله و سلم والمسلمين قبل إسلامه موقفاً سليماً وطبيعياً. . . حيث لم يسجل عليه التاريخ أية بادرة سلبية، أو تشنجاً يشم منه رائحه العناد والمعارضة ضد الدعوة الإسلامية الأولىٰ . . . بل بالعكس كان يحب الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، ولم يتغير عليه، ولقد دافع عنه وعن المسلمين ضد أبي جهل بل ضرب أبا جهل أمام الملأ وكان ذلك قبل أن يسلم حمزة.
وقد دُرس الوضع الجديد المتمثل بإسلام حمزة رضى الله عنه، ووجدوا بأن إسلام حمزة رضى الله عنه فتح صفحة جديدة رائعة في تاريخ الدعوة، وفسح المجال الرحب لرغبة جماعات للانضمام إلىٰ هذا الدين الجديد، لذلك قام المشركون بوضع استراتيجية جديدة، وهي إعلان الحرب الأهلية والنفسية والاقتصادية، لإلحاق الأذىٰ بالمسلمين، وتعذيبهم، وفرض المضايقات المختلفة عليهم، وإثارة الأراجيف الكاذبة ضدهم، وسبيهم ومحاربة مصالحهم وإثارة النزاعات في وجوههم، وقد عرف حمزة ما تحملة الأوضاع الجديدة من نتائج حاسمة، وكان مثال المجاهد الصبور.
ملازمة حمزة للرسول وعدم هجرته إلى الحبشة:
لما أصرت قريش علىٰ مناصبة النبي صلى الله عليه و آله و سلم ومن معه العداء، أذن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم لبعض المسلمين بالهجرة إلى الحبشة، فقد جاء في كتاب تاريخ العيقوبي: «ولما رأىٰ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم ما فيه أصحابه من الجهد والعذاب، وما هو فيه من الأمن، بمنع أبي طالب عمّه إياه، قال لهم: ارحلوا مهاجرين إلى الحبشة، إلى النجاشي، فإنه يحسن الجوار، فخرج في المرة الأولىٰ اثنا عشر رجلاً وفي الثانية سبعون رجلاً، سوىٰ أبنائهم ونسائهم، وهم المهاجرون الأوائل، فكان لهم