204وكان حمزة كما بينّا سابقاً، يعرف ويشعر بعظمة مكانة ابن أخيه محمد صلى الله عليه و آله و سلم وكماله، وكان علىٰ بينةٍ من حقيقة أمره، ومعرفة جوهره، وصفاته الجيدة، وكانت رابطة حمزة بمحمد صلى الله عليه و آله و سلم رابطة عمومة وأخوة وصداقة متفاعلة ببعض، ذلك أن الرسول وحمزة كانا من جيل اجتماعي واحد، وسن متقاربة، نشأ كل واحد منهم مع الآخر. وكانت تخيم عليهما عائلة عبد المطلب المعروفة، وقد تآخياً في ظل هذه العائلة الطيبة، منذ المراحل المبكرة من حياتهما وسارا معاً علىٰ الدرب، من الخطوات الأولىٰ.
اشترك محمد صلى الله عليه و آله و سلم وحمزة بنشأتهما الأولىٰ في أرفع بيوتات العرب في قريش في السيادة والكرم والحلم والشجاعة والمنزلة الرفيعة، فمحمد بن عبد اللّٰه بن عبد المطلب، وحمزة بن عبد المطلب، كلاههما يشتركان بالاعتزاز بهاذ الفضل الذي رسمه عبد المطلب وحاز به في المجتمع، فهو سيد بطحاء مكة وزعيم قريش بلا منافس.
وقد اكسب الزمن تاريخ هذه العائلة الذي ينتمي إليه كل من محمد صلى الله عليه و آله و سلم وحمزة بالتجارب الواسعة في الحياة والتبصر في فهم شؤون المجتمع. وقد استمرت العلاقات القائمة بين الرسول صلى الله عليه و آله و سلم وحمزة علىٰ مدى الأيام وهي تزداد قوة علىٰ قوة، وتوثقت أكثر فأكثر بعد انضمام حمزة للمسلمين وإعلان إسلامه. فكانت علاقتهما علىٰ هذا الأساس قائمة على المصير المشترك والمسؤولية الواعية، وعلى التضحية من أجل المبادئ العليا، وهكذا سجّل التاريخ في لوحاته المجيدة لكل منهما المواقف المشرفة والأدوار البطولية الخالدة بأحرف من نور.
إسلام حمزة في الميزان
إن إعلان إسلام حمزة بن عبد المطلب يعدُّ نصراً عظيماً للإسلام