203والكرم والفتوه والشجاعة بكل معناهاه.
ومع قلة ورود الأخبار المتناثرة في بطون التاريخ في الفترة ما قبل الإسلام، إلّا أنها جميعاً تؤكد تجسيم الشخصية الكاملة فيه، وتؤشر الملامح الصحيحة للإنسان الفاضل الذي سيدخل التاريخ من أوسع وأشرف أبوابه، ويسجل له فيه مجداً خالداً إلى الأبد، وفعلاً دخل التأريخ وسطر له حروفاً نورانيه مشحونة بالمجد والخلود وبقاء الذكر 1.
وكان حمزة صاحب إرادة قوية، عزيز النفس، كريم الطباع، نشأ وقد تأثر بمركز والده عبد المطلب القائم على الشرف والسيادة والرئاسة وحب الناس له، وكان معدن حمزة نقياً، ومعروفاً باستقامة الضمير ونفاذ البصيرة وحب الخير، والتمثل بالشمائل الطيبة، المبنية على الإرادة والتصميم وسلامة اتخاذ المواقف، ومن هنا دخل حمزة التاريخ ومن أحسن أبوابه، وسجل له التأريخ بدوره جميع مواقفه البطولية 2.
العلاقة بن حمزة ومحمّد صلى الله عليه و آله و سلم.
تكشف لنا أخبار حمزة بن عبد المطلب أنه كان شديد التعلق بابن أخيه محمد بن عبد اللّٰه، والرعاية له، والدفاع عنه إذا مسّه سوء من أحد، والاستجابة لمطالبه وتلبية رغباته علىٰ أتم الاستعداد وعلىٰ جناح السرعة بالإرادة والتصميم، ودون تردد أو إحجام.
فهو عمّ محمد صلى الله عليه و آله و سلم، وأخوه في الرضاعة، فقد كتب اليعقوبي عن مولد الرسول صلى الله عليه و آله و سلم: «فكان أول لبن شربه بعد أمه لبن ثويبة مولاة أبي لهب. وقد أرضعت ثويبة هذه حمزة وجعفر بن أبي طالب، وأبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي. . .» 3، وكان أكبر من رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم بأربع سنين وقيل سنتين 4.