126هذا من البيت. وهذا مضمون ما نقلته السيرة الحلبية والأزرقي في أخبار مكة 1وهو أمر لو كان لما وقع الخلاف لا في عدد الأذرع ولا في كونها من البيت أو لا.
لأن حالها حال الشاذروان الذي بعد أن حجرت قريش عليه لم يقع الخلاف فيه وفي كونه من البيت بل اتفقت كلمة الجميع علىٰ أنّه من البيت ولم أجد مخالفاً في ذلك. . إذن فالنفقة الطيبة التي جمعتها قريش نفدت. ولم يكن بإمكان قريش جمع غيرها لكثرة المال الحرام ولأن قريش علىٰ لسان زعمائها رفضت أن تدخل المال الحرام في بناء الكعبة، لهذا فضلت اختصار بناء الكعبة حتىٰ لا تدخل في بنائها إلّا الحلال من المال فالنقص أمر كان يعلمه إن لم يكن الجميع فلا أقل القسم الأكبر منهم، وقد بقي أكثرهم علىٰ قيد الحياة وآمنوا برسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم وأسلموا. أريد من هذا كلّه أن أصل إلىٰ أن ما ورد في رواية أم المؤمنين من تبرير لعدم تمكن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم من إعادة بناء الكعبة علىٰ قواعد إبراهيم (فأخاف أن تُنكر قلوبهم لنظرتُ أن أدخل الجدر في البيت. . .) أو (لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت الكعبة ولجعلتها علىٰ أساس إبراهيم. .) . . .
فهذا الخوف والخشية تستدعي الانتباه والوقوف عندها، وإني أراها طارئةً على الرواية أو قد تكون من زيادة الرواة أو لأشياء أخرىٰ. . . لأسباب كثيرة، منها.
1 -كما قلنا: إن النقص أمر يعلمه الجميع، أي الذين حضروا إعادة بناء الكعبة. لهذا فإعادة بناء الكعبة علىٰ قواعد إبراهيم - إن توفرت النفقة الطيبة التي كانت سبباً في نقصها - هذهِ الإعادة لا تثير غضباً من أحد فضلاً عن الردة.
خاصة وقد وجد الصادق الأمين، والنبي الرسول صلى الله عليه و آله و سلم الذي لا يُريد إلّا الإصلاح، وإعادة الكعبة علىٰ وضعها السابق قبل بناء قريش، وهو بهذا لم يأت بشيء جديد غريب عليهم أبداً. . . فلا أرىٰ عمله ذاك إلّاأن يكسب رضاهم