69نسل طير أبابيل.
قوله عليه السلام:
جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلَامَةً لِتَواضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ.
علامة لتواضعهم: أي دليلاً لتواضعهم، فإنّ المواقف والأعمال تدلّ على التواضع والخشوع.
ومَن لابس عملاً لا يلائم صورة التكبر وينافي أعمال الجبابرة: من الإقبال علىٰ حجرٍ أصم بالتقبيل، وعلى مواطن خالية من حوادث الاطماع بالإجلال، صار ذلك الفعل أتمّ رياضة علىٰ طرح الأنَفَة؛ فإنّ من أطاعته نفسه لوجه اللّٰه - تعالى - في توقير شيء، ظاهره لا ينفع ولا يؤذي ولا يعلم ولا يشكر، فهو إلى توقير مَن هو أعلىٰ منه درجة من الأنبياء والملائكة أسرع.
قوله عليه السلام:
وَإِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ.
أذعن إذعاناً: انقاد ولم يستعص، وناقة مِذعان: منقادة.
والعزّة: الغلبة، والعزيز من أسمائه سبحانه: الغالب الذي لا يُغلب.
وإنّما جعله - سبحانه - علامةً لإذعانهم لعزّته؛ لأنّ العقل لمّا لم يكن ليهتدي إلى أسرار أعمال الحج، لم يكن الباعث عليها في أكثر الخلق إلّاالأمر المجرّد وقصد امتثاله من حيث هو واجب الاتباع فقط، وفيه كمال الرقّ وخلوص الانقياد للّٰه، فمن فعل ما أمر به من إتيان بيت اللّٰه وأداء مناسك الحج، فهو المنقاد لعزّة اللّٰه، المخلص الذي ظهرت عليه علامات المخلص المتواضع المذعن لجلال اللّٰه ربّ العالمين.
وروي: أنّ ابن أبي العوجاء تلميذ الحسن البصري انحرف عن التوحيد، فقيل له: تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة، فقال: إنّ