68فإن قال: قلته كناية، يمنعه إليه [ في قوله: يألهون إليه ] ، فلو كان عليه كان له وجه.
وأمّا معنىً، فلأنّ الناس لا يعكفون في مكة، وإنّما يشتاقون إلى زيارتها اشتياق الحمام إلى وكرها. وأمّا ما قاله: من أنّ فعولاً لا يكون مصدر فعل بالكسر، ووله بالكسر، فليس ذلك كليّاً، بل إذا كان مضارعه يفعل بالفتح، وأمّا إذا كان يفعل بالكسر فيجوز، كما في قولك: وثق وثوقاً، وقد قال في القاموس: وله مثل ورث ووجل ووعد. وأمّا ما قاله من أنه إذا كان يألهون مهموز الأصل، فيجوز أن يكون مصدره ولوهاً؛ لأنّ أله مفتوح، فيكون مثال: دخل دخولاً. ففيه: أنّ مصادر المجرّد ليست بقياسية، ولم ينقل في اللغة كون مصدر أله: ألوهاً، بل الاهه والوهه 1.
والحمام عند العرب: كلّ ذي طوق من الفواخت والقماري والقطا والدواجن وأشباه ذلك، الواحدة حمامة، والعامة تخصّ الحمام بالدواجن، وكان الكسائي يقول: الحمام هو البري واليمام هو الذي يألف البيوت، وقال الأصمعي:
اليمام حمام الوحش، وهو ضرب من طير الصحراء.
وفي تشبيهه عليه السلام ولوه الأنام بولوه الحمام عدّة وجوه:
منها: إشارة إلى شوق الخلق في كلّ عام إلى ورود البيت كما يشتاق إليه الحمام الذي يسكنه عند خروجه.
ومنها: إشارة إلى أنّ الحمام كما يفزع إلى محله عند الخوف، فكذلك الأنام، فإنّ الحمام يظهر عليه أثر اللوذ بكثرة.
قالوا: ومن طبع الحمام أنه يطلب وكره ولو أرسل من ألف فرسخ، وربّما اصطيد وغاب عن وطنه عشر حجج فأكثر، ثمّ هو علىٰ ثبات عقله حتىٰ يجد فرصة فيطير إلى وطنه.
وقيل: حمام الحرم يلتجئ إليه إلهاماً من اللّٰه لها أنه المأمن، ويقال: إنها من