67لا يكون بين الإنسان وبين مركوبه فرق في الورود إلى البيت!
وفي بعض الوجوه من هذا القيل بُعدٌ.
وروي: أنّ الكعبة شكت إلى اللّٰه - تعالى - في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه و آله، فقالت: يا ربّ، ما لي قلّ زوّاري؟ فأوحى اللّٰه إليها: «إنّي منزلٌ نوراً جديداً علىٰ قومٍ يحنّون إليك كما تحنّ الأنعام إلى أولادها، ويُزَفّون إليك كما تزفّ النسوان إلى أزواجها» ، يعني: أُمّة محمد صلى الله عليه و آله 1.
قوله عليه السلام:
وَيَأْلَهُونَ إِلَيْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ.
قال الراوندي: أله يأله ألهاً: أي تحيّر، والأصل وله يوله ولهاً، وقال أبو الهيثم: أصل اللّٰه إلاه، وأصله ولاه، فقلبت الواو همزةً، فالخلق يولهون إليه في حوائجهم، ويفزعون إليه في كلّ ما ينوبهم 2.
وقال ابن أبي الحديد: الوله: شدّ الوجد، حتىٰ يكاد العقل يذهب، وله الرجل يوله ولهاً. ومَن روى: «يألهون إليه ولوه الحمام» فسّره بشيءٍ آخر، وهو يعكفون عليه عكوف الحمام، وأصله أله: عبد، ومنه الإله، أي: المعبود، ولمّا كان العكوف على الشيء كالعبادة له لملازمته والانقطاع إليه، قيل: أله فلان إلى كذا، أي: عكف عليه كأنه يعبده. ولا يجوز أن يقال: «يألهون إليه» في هذا الموضع بمعنى يولهون، وأنّ أصل الهمزة واو، كما فسّره الراوندي؛ لأنّ فعولاً لا يجوز أن يكون مصدراً من فعلت بالكسر، ولو كان يألهون هو يولهون، كان أصله ألِه بالكسر، فلم يجز أن يقول: «ولوه الحمام» ، وأمّا علىٰ ما فسّرناه نحن فلا يمتنع أن يكون الولوه مصدراً؛ لأنّ أله مفتوح، فصار كقولك: دَخل دخولاً 3.
وقال التستري: قلت: أمّا ما قاله من أنّ معنى «يألهون إليه» أي: يعكفون عليه، فخلط لفظاً ومعنى. أمّا لفظاً؛ فلأنه لم يقل أحد أن معنى أله عكف، بل عبد،