66الأنام بالجنّ والإنس - علىٰ أنّ بيت اللّٰه الحرام قبلةً للجنّ أيضاً، يتوجّهون إليه حين عبادتهم، وإن كانت ماهية عبادتهم لنا مجهولة.
وبناءً على التفسير الثاني، يكون بيت اللّٰه الحرام قبلةً لجميع ما علىٰ وجه الأرض من الخلق، ومعلوم أنّ المخلوقات كلّها تعبد خالقها، وإن كانت كيفية عبادتها مجهولة لنا، إلّاأنّ المفهوم من قوله عليه السلام: جعله قبلةً للأنام - بناءً علىٰ تفسير الأنام: ما علىٰ وجه الأرض من جميع الخلق - أنّ بيت اللّٰه الحرام قبلةً لجميع المخلوقات تتوجّه إليه في عبادتها لربّها وخالقها.
قوله عليه السلام:
يَرِدُونَهُ وُرُودَ الْأَنْعَامِ.
الورود: الموافاة، يقال: وردَ البعير الماء يرده ورداً بلغه ووافاه من غير دخول، وقد يحصل دخول فيه، وأكثر ما يستعمل ورود الأنعام على الماء، فهذا تشبيهٌ لطيف منه عليه السلام لورود الأنام بيت اللّٰه الحرام، فكما ترد الأنعام بتلهّفٍ وظمإٍ واشتياق وازدحام لشرب الماء ومدافعة بعضهم بعضاً، يردُ الأنام بيت اللّٰه الحرام وهم علىٰ أشدّ الشوق والتلهّف لزيارة بيت ربّهم، يزدحمون ويهرولون للوصول إلى بيت اللّٰه الحرام؛ ليعترفوا بذنوبهم لربهم فيغفرها لهم، ويتزوّدوا من العرفان لربّهم، ويصوغوا أنفسهم صياغة ربّانية، ويتذكّروا إنسانيتهم التي نسوها من أمدٍ بعيد!
والأنعام جمع نَعم، أكثر ما يقع على الإبل، وقيل: النعم: الإبل خاصة، والأنعام: ذوات الخفّ والظلف، وهي الإبل والبقر والغنم، وقيل غير ذلك.
وقيل: إنّ وجه الشبه بين الأنام والأنعام: عدم اطّلاع الخلق علىٰ أسرار الحجّ وعلىٰ ما تشتمل عليه المناسك من الحكمة الإلهية، ولمّا كان العقل الذي به يتميّز الإنسان عن الأنعام وسائر الحيوان معزولاً عن إدراك هذه الأسرار كاد أن