65وزمن - لكونه أمْناً لمن دخله ومانعاً له؛ وإمّا لأنه ذا حرمة واحترام يحرم على الخلق أن يفعلوا فيه ما لا ينبغي من مناهي الشرع.
وروي عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال: «ألا إنّ مكّة محرّمة بتحريم اللّٰه، لم تحلّ لأحدٍ كان قبلي، ولم تحلّ لي إلّامن ساعة من نهار إلى أن تقوم الساعة، لا يختلي خلاها، ولا يقطع شجرها، ولا ينفد صيدها. . .» 1.
قوله عليه السلام:
الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْأَنَامِ.
جعل اللّٰه - سبحانه وتعالى - بيته الحرام الذي فرض حجّه قِبلةً للأنام، فقال عزّ من قال: « فلنولينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره» 2، وهذا ممّا يزيد في شرف هذا البيت العظيم: بتوجّه المسلمين كافة أينما كانوا نحوه في صلواتهم وذبحهم وتوجيه أمواتهم، إلى غير ذلك ممّا يجب أو يستحب فيه استقبال القبلة، والقصد إليه لأداء مراسم الحج.
والقبلة: اسم للمكان المتوجّه إليه للصلاة وغيرها.
وإنّما عبّر عن البيت الحرام بالقبلة؛ لأنّ المصلي يقابلها وتقابله، أو لأنّ اللّٰه - تعالى - يقبل صلاة مَن توجّه إليها.
وجعل اللّٰه - سبحانه - اختلاف القبلة سمات أهل الأديان، وأعلاماً يوقف بها علىٰ انتحال المصلّي إلى نحلة لزمها من النحل، فقال عزّ من قائل: « ولكلٍّ وجهةٌ هو مولّيها» 3.
والأنام: الجنّ والإنس، وقيل: ما علىٰ وجه الأرض من جميع الخلق.
وبناءً على التفسير الأول، يكون بيت اللّٰه الحرام قبلةً للإنس والجنّ، أمّا الإنس فواضح، وأمّا الجنّ، فيدل كلامه عليه السلام: جعله قبلةً للأنام - بناءً علىٰ تفسير