60الأُمّة، بخطبه وحكمه ومواعظه ورسائله الفصيحة الشاملة لأدقّ المعاني وأمتنها، حتّى ضاهت بلاغته وفصاحته بلاغة وفصاحة العرب، وصار أمير الفصاحة والبلاغة، كما كان أمير الشجاعة والعلم والصبر والحزم والعبادة.
وبلغت خطبه عليه السلام إلى حدّ من البلاغة وحسن النظم حتىٰ قيل: إنّ كلامه عليه السلام فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق.
وقيّض اللّٰه - سبحانه - الكثير من العلماء ممّن جمع كلامه وخطبه ورسائله ومواعظه عليه السلام، ودوّنها في كتب مستقلة، منهم: الشريف الرضي - رضوان اللّٰه عليه -، حيث كتب كتابه نهج البلاغة، اختار فيه من خطب أمير المؤمنين عليه السلام وكلامه وحكمه ورسائله، حتىٰ أصبح نهج البلاغة ولا يكاد يجهله أحد، اختار فيه من كلامه عليه السلام بما له ربط: بالتوحيد، والعدل، والنبوّة، والإمامة، والمعاد، ووصف القرآن والنبيّ وأهل البيت عليهم السلام والأحكام الشرعية، والمسائل الأخلاقية وصفات المتقين ووصف المنافقين والمنحرفين، وفنون الحرب وعجيب خلقة بعض الحيوانات.
وانتخبت من كلامه عليه السلام في نهج البلاغة ما له صلة بالحج وبيت اللّٰه الحرام، وضبطته بالاعتماد علىٰ أقدم نسختين لنهج البلاغة وسائر النسخ الأُخرىٰ، وشرحت كلامه عليه السلام شرحاً شافياً، مستعيناً بالشروح المعتَمَدَة لنهج البلاغة.
نصّ الخطبة؛ منها:
وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ، الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْأَنَامِ، يَرِدُونَهُ وُرُودَ الْأَنْعَامِ، وَيَأْلَهُونَ إلَيْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ.
جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلَامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ، وَإِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ.
وَاخْتَارَ مِنْ خَلْقِهِ سُمّاعاً أَجَابُوا إلَيْهِ دَعْوَتَهُ، وَصَدَّقُوا كَلِمَتَهُ، وَوَقَفُوا