232لحظات كادت تودي برسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وبدينه لولا رحمة اللّٰه تعالى به وبنا.
ويوم فتح مكة معقل قريش، كنتُ يومها علىٰ ميمنة الجيش الإسلامي الذي يقوده رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فتهاوت بدخوله صلى الله عليه و آله وجيشه الأوثان والأصنام التي كانت تمثل الشرك والكفر كلّه، وقد أحاطت الكعبة من كلّ جوانبها، وبلغ عددها 360 صنماً، فأمر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله بتهديمها وإخراجها من البيت الحرام. وارتفعت راية التوحيد خفاقةً، وملأ التكبير سماءَ مكّة، وكانت فرحتُنا بهذا النصر الذي طال انتظاره، عظيمة، وابتهاجنا به كان كبيراً. . . .
وإذ نحن في غمرة أفراحنا بهذا النصر تناهت إلينا أنباءُ حشود عظيمة خطيرة بلغ تعدادها أكثر من 12 ألفَ مقاتل من قبائل الطائف وفي مقدمتها قبيلتا هوازن وثقيف. فراح رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يعدُّ منّا جيشاً كبيراً بلغ تعداده 12 ألف مقاتل أو يزيد، وأمرنا بالتحرك، وكان اللقاء في وادي حنين حيث حلّت بنا هزيمة مفاجئة، تحوّلت - برحمةٍ من اللّٰه - إلى نصرٍ كبير لنا بعد أن ثبت رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وأكثر من ثمانين من الذين بايعوه حتى الموت وكنتُ أحدهم، وبعد أن عاد المسلمون الذين لاذوا بالفرار من ساحة المعركة فاندفعت جموعهم نحو ساحة المعركة التي حمي وطيسها وهم ينزلون بالعدو هزيمة ساحقة.
لم أتخلّف أبداً عن معارك رسول اللّٰه وغزواته كما أني شاركت في معركة اليرموك وفي فتح مصر وحمص ودمشق وغيرها حتىٰ قال لي أحدُ الذين كنت أُحدّثهم عن الجهاد - يوم فتح حمص ودمشق - وقد كبر عمري وضعف جسمي، يومذاك، قال لي: لو قعدتَ العامَ عن الغزو.
فقلت: أبتِ البحُوث، فقد قال اللّٰه عزّ وجلّ فيها: « اِنفروا خفافاً وثقالاً» 1.
وكنت في كل تلك المعارك فارساً أخوض غمارها، وأُبلي بها بلاءً حسناً،