157قال تعالى: « . . . الذي أنطق كلّ شيء. . .» 1.
فينطق الحجر الأسود، ويشهد على كلِّ عهد، وكلِّ ميثاق تمّ في ساحته، حيث بداية مسيرة الطواف، فيستقبله كلُّ حاج ويدعو ويتعهّد عنده بالتخلي عن كلّ ما ارتكبه من انحراف ومن ذنوب ومخالفات. وأنه يجدّد البيعة لرسول اللّٰه صلى الله عليه و آله والالتزام بما جاء به من عند اللّٰه - تعالى - ويتعهد أيضاً بالطاعة والانضمام إلى موكب التائبين كما ستقرأ ذلك في الأدعية المأثورة عند الحجر وأول الطواف.
وعندئذٍ سيكون نطقه وستكون شهادته ضارةً أو نافعة لنا وبالتالي يمكن وصفه بأنه ضارٌ أو نافعٌ.
ولكنّا لو تركنا هذا كلّه وقلنا: إنه حجر كباقي الأحجار المبعثرة هنا وهناك، وإنه لا يستحق هذهِ الكثرة من الروايات والأقوال والآراء. . وبالتالي ليس هناك سببٌ لأن يحظى بالقدسية والاهتمام. ويبقى مجرد علامة يستدلّ بها الحجاج على بدء أشواط الطواف. إن قلنا هذا فسنواجه أسئلة كثيرة قد تثار، منها:
ما هذهِ الفضيلة والقدسيةُ اللتان أُعطيتا له من قبل المسلمين بكلّ مذاهبهم وعبر تأريخهم الطويل؟
وما هذا الاهتمام والاعتناء به والحرص عليه من قبل المسلمين؟ ناهيك عن أهل الجاهلية الذين كاد الأمر يصل بهم الى سفك الدماء وقتل الأنفس من أجل نيل شرف وضعه في مكانه لولا رحمةُ اللّٰه - تعالى - وحكمة الصادق الأمين كما قرأنا.
ولماذا لم يوضع حجر آخر مكانه عند سرقته من قبل القرامطة، فقد ترك مكانه خالياً طيلة فترة غيابه عندهم؟ ولماذا لم يبدل بشيء آخر أو بحجر غيره كما بدلت أحجار الكعبة في كلّ عملية هدم وبناء تعرضت لها الكعبة في تأريخها، وقد شمل التبديل حتى القواعد من البيت؟ فإن التاريخ لم يذكر لنا مثل ذلك. فقد