149الأُمة، وعلىٰ شريعة المساواة بين أبناء الأُمة، وهي بهذه المثابة فريضة اجتماعية تعلن فيها الأُمم الإسلامية وحدتها، والمساواة بين الكبير والصغير أمام اللّٰه وعند بيت اللّٰه. وليس المقصود بالضحية في الإسلام أنها طعام للكهان، أو طعام للإله، ولكنها سخاء من النفس في سبيل العبادة، يشير بها الإنسان إلى واجب التضحية بشيء من الدنيا في سبيل الدين، متجشماً لذلك مشقة الرحلة وتكاليفها جهد المستطيع.
ويمتاز الحج في الإسلام بدلالته الروحية التي تناسب مقصدها الأسمىٰ من تحقيق الرابطة بين الأُمم، التي تدين بعقيدة واحدة في أرجاء الكرة الأرضية علىٰ تباعد مواقعها واختلاف أجوائها وفصولها، فهو رابطة من روابط السماء تؤمن بها أُمم وحّدتها العقيدةُ السماوية، وإن فرّقت بينها شتّى المطارح والبقاع.
فالحجّ الإسلامي في عصرنا هذا هو الفريضة الوحيدة الباقية من قبيلها في جميع الأديان الكتابية.
فهيكل بيت المقدس قد تهدّم منذ القرن الأول للميلاد، ولم يرد في الأناجيل المسيحية نصّ علىٰ مكان مقدس مفروض على المسيحيين أن يحجوا إليه، وكلّ ما عرف بعد القرون الأُولىٰ فإنما اتّبع فيه الخَلْق سُنّة الملكة «هيلانة» أُمّ الامبراطور قسطنطين التي قيل: إنها وجدت الصليب الأصيل في فلسطين عندما توجّهت إليها لزيارة آثار السيد المسيح، وهي قصة يكفي للدلالة علىٰ قيمتها التاريخية أنّ رواتها جميعاً نقلوها بعد عصر الملكة «هيلانة» وأنّ مؤرخ العصر الأكبر يوسيبيوس suibesuE لم يشر إليها بكثير أو قليل علىٰ شدّة اهتمامه باستقصاء الأخبار التي لا تذكر بالقياس إلى هذا الخبر العظيم.
ثم تتابعت القرون والدول - المنتسبة إلى المسيحية - وهي تتذرع بالأماكن المقدسة لترويج مطامعها السياسية، فروسيا القيصرية تدّعي حمايتها علىٰ مذهب الكنيسة الشرقية، وملوك فرنسا يدّعون حمايتها علىٰ