135وطريق واحد.
و «التلبية» هي وسيلة هذا التوحيد، وفي الوقت نفسه توجّه هذا الحشد البشري الهائل الواحد إلى اللّٰه الواحد القهّار.
فهي توحّد الإنسان (الفرد) وتوجهه إلى اللّٰه.
وتوحّد الناس (المجتمع) وتوجّههم إلى اللّٰه.
وهذا الانقلاب العظيم يجري في «الميقات» بفعل «التلبية» ، و «الميقات» و «الحرم» وعاء هذا الانقلاب، و «التلبية» عامل هذا الانقلاب.
وغاية الحجّ أن تتحوّل ساحة الحياة كلّها إلى «الميقات» و «الحرم» ، ويكون لكلمة «لا إله إلّااللّٰه» في ساحة الحياة الواسعة نفس الفعل والدور الذي يكون لكلمة «التلبية» ، وأن ينقل الحجّاج «الحرم» إلى واقع حياتهم في «السوق» .
ومن بؤس الناس وشقائهم أنّهم ينقلون «السوق» إلى «الحرم» ، بخلاف ما يريده اللّٰه تعالى وذلك أنّ «التلبية» تعيدُ بناء الفرد والمجتمع.
وهذا البناء يتمّ علىٰ صعيدين:
توجيه الناس إلى الاستجابة للّٰهتعالى، وهو البُعد الأوّل. وتوحيد الناس بهذا الاتجاه، وهو البُعد الثاني. والبُعد الأول يوحّد شتات هموم الإنسان واهتماماته، والبُعد الثاني يوحّد شتات مذاهب الناس ومصالحهم وأعمالهم.
ويحبّ اللّٰه تعالى أن ينقل الحجاج هذه «الوُحدانية الموجهة» إلى حياتهم في الأسواق، وفي مواقع الحكم والسياسة، وساحات الصراع. . . ومن عجب أنّ الناس ينقلون شتات أهوائهم وميولهم ومذاهبهم إلى «الميقات» و «الحرم» .
ولو أمعنّا النظر في «الميقات» و «التلبية» لقلنا: إنّ الميقات ليس فقط يستقبل شتات الناس ليصهرهم في اتجاه واحد، واهتمام واحد، وأُسرة واحدة،