136وهمّ واحد، وإنّما ينتزعهم من دنياهم انتزاعاً ليعبد بناءهم الفردي والاجتماعي، بعد أن شتتتهم الحياة الدنيا آراءً ومذاهب ومصالح وهموماً.
هذا إذا أعطى الحاج نفسه ل «التلبية» ، وفعل «التلبية» في نفسه، وفتح كلّ قلبه بالتلبية على اللّٰه، ولم يحتفظ لنفسه عند التلبية بشطر من قلبه، ويعطي الشطر الآخر للّٰهتعالى. فإنّ القلب السليم لا ينشطر ولا يتعدّد. « ما جعل اللّٰه لرجلٍ من قلبين في جوفه» .
والقلب البليد العاطل فقط ينشطر ويتعدّد.
وأمارة سلامة القلب توحيد اللّٰه، وأمارة بلادة القلب وعَطَله التعدّد والانشطار.
والتلبية توجه القلوب إلى الاستجابة للّٰه، وتوحّد القلوب في هذه الاستجابة.
وهذه هي أبعاد هذا الانقلاب العظيم. ووعاؤه «الميقات» و «الحرم» .
وعامله «التلبية» .
روي عن الإمام الرضا عليه السلام: «إنمّا أُمروا بالإحرام ليخشعوا قبل دخولهم حرم اللّٰه وأمنه، ولئلّا يلهو ويشتغلوا بشيء من أُمور الدنيا وزينتها ولذّاتها، ويكونوا جادّين فيما هم فيه، قاصدين نحوه مقبلين عليه بكليتهم» 1.
تأكيد التلبية:
لقد ورد في النصوص الإسلامية الاهتمام بتكرار التلبية، والإكثار منها وترديدها.
روى ابن أبي عمير وابن فضّال عن رجال شتّىٰ عن أبي جعفر عليه السلام قال:
قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: من لبّى في إحرامه سبعين مرّة احتساباً أشهد اللّٰه له ألف ملك