134للّٰه تعالى، ولا يتأتّىٰ له هذا التمحيض إن لم يعرض عن أية دعوة أُخرىٰ في هذه الدنيا. حتىٰ لا تشغله دعوة عن هذه الدعوة، ولا تصرفه مغريات دعوات الدنيا وعواملها وفتنها عن دعوة اللّٰه تعالى لعبادة اللّٰه. و «التلبية» تتضمّن هذين المعنيين معاً، الاستجابة للّٰه، والإعراض عن غير اللّٰه، والانفتاح على اللّٰه والانقلاب عمّا دون اللّٰه.
الانقلاب الذي يحدث في «الميقات» بفعل «التلبية» :
و «التلبية» تفصل الحاج في الميقات فصلاً كاملاً عن دعوات هذه الدنيا ومغرياتها وفتنها وإثاراتها مرّة واحدة، ويصبّ الحاج من كلّ فجّ عميق في الميقات بأزياء مختلفة وهموم كثيرة واهتمامات عديدة، فيصيغهم اللّٰه تعالى في «الميقات» صياغة جديدة وينتزعهم من كلّ رغباتهم وهمومهم واهتماماتهم انتزاعاً كاملاً ب «التلبية» ، ويمحّضهم للاستجابة لدعوته تعالى، وينزعهم أزياءهم. ويوحّد نسكهم وزيّهم وهمّهم واهتمامهم وعملهم ومسارهم ويَصُبَّهُم في مصبٍّ واحد إلى بيته المحرّم.
و مبدأ كلّ ذلك ومنطلقه «التلبية» ، فإنّ التلبية توحّد في نفس الحاج شتات الهموم والاهتمامات والاستجابات والرغبات، وتوحّد همّهم واهتمامهم ورغباتهم واستجاباتهم باتّجاه الاستجابة إلى دعوة اللّٰه تعالى.
إنّ «التلبية» تجمع شتات اهتمامات الإنسان في همّ واهتمام واحد، وتجمع بنفس الطريقة شتات اهتمام الناس وتعدد مذاهبهم في الحياة الدنيا في اتجاه واحد.
إنّ الحياة تشتت الإنسان إلى هموم واهتمامات شتّىٰ، وتشتت الناس إلى مصالح ومذاهب شتّىٰ.
والميقات يجمع شتات الناس، في همّ واحد، واهتمام واحد، وزيّ واحد،