46الإشارة إلى قِدَمِ هذا السؤال، ليتّضح لنا بأن هذه التساؤلات، كان لها حضورٌ في أذهان الناس.
1 - سرّ التوجّه إزاء الكعبة أثناء الصلاة:
على العكس ممّا كان يجول في ذهن ابن أبي العوجاء، المادي المعروف في عصر الإمام جعفر الصادق عليه السلام، فانّ الهدف من التوجه نحو الكعبة أثناء الصلاة، لا يعني عبادة الكعبة أو حجرها وطينها. فإنّ جميع المصلّين يعبدون اللّٰه تعالى، وحال توجههم نحو الكعبة، فإنّ الجميع يخاطب اللّٰه الواحد الأحد بقوله: «إياك نعبد وإياك نستعين» والعلة في توجهنا نحو الكعبة حال الصّلاة، تكمن في أن الكعبة تعدّ أقدم معبدٍ وبيت للتوحيد، بني بأيدي أنبياء اللّٰه العظام للموحّدين من أهل الأرض، ولا يسبقه في هذا القِدَم أيّ معبد آخر، كما يقول القرآن الكريم:
«انّ أوّل بيت وضع للناس لَلَّذي ببكّة مباركاً وهدًى للعالمين» 1.
إنّ الشريعة الإسلامية المقدّسة، ومن أجل إيجاد الوحدة بين المصلّين، وتوحيد صفوف المتوسّلين، أوجبت على الجميع أداء الصلاة بلغةٍ واحدة، والتوجّه إلى أقدم المعابد حال الصلاة، لتحفظ من خلال هذا السبيل وحدتهم حال العبادة والتعبّد؛ أي أن يتفوّه ملايين البشر في آنٍ واحدٍ بكلام واحد، ويتّجهون نحو نقطة واحدة. وأن يعلنوا وحدتهم واتّحادهم بشكل واضح وعلني. وبناءً علىٰ ذلك، فإنّ التوجّه نحو هذا المعبد ليس بمعنىٰ عبادته، بل بمعنى جعله رمزاً لوحدتهم واتّحادهم حال العبادة.
لقد كان المسلمون في صدر الإسلام، يقيمون الصلوات جماعة، وصلاة الجماعة من المستحبّات المؤكدة في الإسلام. فلو أراد جمعٌ أداءَ فريضةٍ ما معاً، عليهم أن يتوجهوا جميعاً إلى وجهةٍ واحدة، وبغير هذه الصورة لا