131إلّا في الآثار الوضعيّة، التي لا يدور ترتبها مدار الإرادة والاختيار، فإنها تترتب على فعل الصّبي من غير ترديد. نعم يستحق الولي ثواب الإحجاج به، والثواب هنا على فعل الولي نفسه، وليس الصبي إلا آلة مجرّدة.
إذن فالحقّ أن الصّبي الذي بلغ درجة من الوعي تجعله متمكناً من إرادة الفعل، أي قادراً على معرفة وجه رجحان الفعل، وترجيحه على النقيض، بحيث يصحّح العرف العقلائي في استناد الفعل إلى اختيار الصبي وإرادته - وإن كان بإيجاد الداعي في نفس الطفل من قبل الولي أو غيره - يستحق الثواب على فعله؛ أمّا الصبي الفاقد للوعي والتمييز نهائياً فإنّما يستحق الولي الثواب على فعله؛ لأنّ الفعل حينئذٍ فعل الولي وليس الصّبي إلّامجرّد وسيلة.
المسألة الثّانية:
في استحباب الحجّ بالصبي لوليّه
قال ابن عبد البر في التمهيد:
صحّح حجّ الصّبي مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز، والثوري وسائر فقهاء الكوفة، والأوزاعي والليث ومَن سلك سبيلهما من أهل الشام ومصر، قال: وكلّ من ذكرناه يقول:
يستحبّ الحجّ بالصبيان. ويأمر به 1.
وقال المحقّق النجفي في جواهر الكلام: « يصح أن يحرم عن غير المميّز وليه ندباً، وكذا المجنون، فيستحق الثواب حينئذٍ عليه، وتلزمه الكفارة والأفعال والتروك على الوجه الّذي ستعرفه بلا خلاف أجده في أصل مشروعيّة ذلك للولي، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه» 2.
والظّاهر أنّ استحباب الحجّ بالصبي لوليّه متفق عليه بين القائلين بصحّة حجّ الصبي، وتدل عليه الروايات الكثيرة التي ورد فيها أمر الولي بإعانة الصبي في إتمام عمل الحجّ، وما يلزم الولي فعله بالصبي من مناسك الحجّ وأفعاله وتروكه، ونذكر فيما يلي نبذة من الروايات الدالّة على استحباب الحجّ بالصبي لوليّه، واستحقاقه بذلك الأجر والثواب:
1 - روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال:
رفعت امرأة صبيّاً لها فقالت: يا رسولَ اللّٰه ألهذا حجّ؟ قال: « نعم ولكِ أجر» 3.
وروى قريباً من هذا المضمون شيخنا الطوسي بسند صحيح عن عبد اللّٰه بن سنان عن الصادق عليه السلام جاء