114وتحولوا الىٰ صفوف المسلمين، وإذا بهم من أكثر المدافعين عن سلطان الإسلام. وتسقط خيبر ويقوى ركن الإسلام ويخاف القرشيون ولكنهم ظلوا على عنادهم.
فتح مكّة:
إن الدخول الجماعي في الإسلام الذي شهدته قبائل العرب المتاخمة لبلاد الشام بعد غزوة مؤتة لم يهز قريشاً وحلفاءها، ولم تفكر قريش بما قد تصير إليه الأحوال في قاصِ الجزيرة وأدناها، فظلت على وهمها بأن المسلمين قد هزموا في موقعة مؤتة هزيمةً نكراء، وأنهم باتوا في حالةٍ يرثى لها، أقلها الضعف والهوان وهذا ما أعادها الىٰ مراجعة حساباتها وردّها إلى التفكير بحرب محمد صلى الله عليه و آله و سلم، ونبذ مواقفها السابقة معه، وهي المواقف التي أجبرت فيها بعد الحديبية على التخلي عن السيطرة التي كانت لها. وقد أفقدتها تلك المواقف الهيبة التي كانت تتصف بها، وخسرت مكانتها الأولى بعد عمرة القضاء فما عليها إذن والحالة تلك إلا العمل لاستعادة تلك السيطرة كاملة، واسترداد الهيبة والمكانة اللتين كانتا لها غير منقوصتين، وهذا لن يكون إلا بمقاومة محمد صلى الله عليه و آله و سلم مقاومةً ضاريةً، والشروع في قتال من دخلوا معه بحكم عهد الحديبية 1.
صلح الحديبيّة:
كان صلح الحديبية بين رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم وقريش قد قضى أنّه مَن أحبَّ أن يدخلَ في عهد محمد وعقده فليدخل فيه، ومَن أَحب أن يدخل في عهد قريش وعقدهم فليدخل فيه. وكانت خزاعة قد دخلت في عهد محمد صلى الله عليه و آله و سلم، ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وكانت بين خزاعة وبني بكر ثاراتٌ قديمةٌ سكنت بعد صلح الحديبية، وانحاز كلٌّ من القبيلتين الىٰ فريق المتصالحين، فلما كانت مؤتة - وصل لقريش أن المسلمين قُضي عليهم - خُيّل الىٰ بني