115الدِّيل من بني بكر بن عبد مناة أن الفرصة سنحت لهم، ليصيبوا من خزاعةبثاراتهم القديمة، وحرّضهم على ذلك جماعة من سادات قريش منهم عكرمة بن أبي جهل، وأمدوهم بالسلاح.
وقوع الحرب:
وبينما خزاعة ذات ليلة على ماء لهم يدعى الوتير إذ فاجأتهم بنو بكر فقتلوا منهم جماعة، ففرت خزاعة الىٰ مكّة ولجأوا الىٰ دار بُدَيْل بن ورقاء الخزاعي، وشكوا له نقض قريش، ونقض بنيبكر عهدهم مع رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم، وسارع عمرو بن سالم الخزاعي فغدا متوجهاً إلى المدينة حتى وقف بين يدي محمد صلى الله عليه و آله و سلم وهو جالس في المسجد فقال: لا هُمَّ إنّي ناشدٌ محمدا
فقال له النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: نُصرت يا عمرو بن سالم!
ثم خرج بُديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا المدينة فأخبروا النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم بما أصابهم، وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم، عند ذلك رأى النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم أن ما قامت به قريش من نقض عهده لا مقابل له إلا فتح مكّة.
وعاد وفد خزاعة فرحاً بما حظي من التأييد، وظهرت مخاوف قريش، واجتمع حكماؤها وقرروا بعث أبي سفيان لتجديد العهد، وتمديده الىٰ عشر سنوات.
أبو سفيان في المدينة:
تأهب أبو سفيان، وسار من وقته وساعته حتى وصل المدينة على وجل خصوصاً بعدما رأى بُديلاً ورفاقه على بعض المياه، وجعل وجهته ابنته أمَّ حبيبة زوجة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم التي تزوجها النبيُّ بعدما تركها زوجُها وتنصر في أرض الحبشة فخطبها إلى النجاشي. وعادت بعد فتح خيبر مع جعفر بن أبي طالب عليه السلام وجماعته الذين كانوا مهاجرين إلى الحبشة.
وأمُّ حبيبة كانت قد عرفت ما حدث، وعرفت ما نوى عليه النبيُّ صلى الله عليه و آله و سلم، فلم تهتم بأبيها المشرك. ولما أراد أن يجلس على فراش النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم طوته عنه فسألها أبوها: أطوته رغبةً بأبيها عن الفراش أم رغبةً بالفراش عن أبيها؟
فكان جوابها: هذا فراش رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم، وأنت رجل مشرك نجس، فلم أحبّ أن تجلس عليه. وفوجئ أبو سفيان بما لم يكن يتوقعه من ابنته التي وجهت إليه صفعةً جعلته ذليلاً مهيناً فقال لها: لقد أصابك بعدي شرٌّ، قالت:
بل هداني اللّٰه تعالى للإسلام، وأنت تعبد حجراً لا يسمع ولا يبصر، وا عجباً منك وأنت سيد قريش وكبيرها! قال:
أأترك ما يعبد آبائي وأتبع دين محمد؟
وخرج أبو سفيان بعد هذه الصفعة مكلوم الفؤاد مضعضع الفكر، مهزوز الجانب مهيض الجناح، لا يدري ماذا