137والذي نحتمله جدا أن لفظة (اثينوس) الإِغريقية أصلها (ادون) العبرية (36) وتعني: السيد، القيم، المولي، الأمر، الزوج والرب (37) ، ولذلك تطلق علي الله تعالي وعلي النبيّ والملك وشيخ القبيلة والزوج والأستاذ.
وفي ضوء ذلك يكون معني العبارة (اثني عشر اثينوس) أي اثني عشر سيدا، قيما، آمرا، فتكون الترجمة عندئذ صحيحة ودقيقة جدا ومتطابقة مع الاستعمال القرآني للفظة (امة) بمعني الإِمام، القيم، في قوله تعالي: إن إبراهيم كان أُمّةً قانتاً لله. . . 120/16 أي كان اماماً، قيماً، رئيساً، قانتا لله تعالي كما مرّ بحثه في الفصل الأول تحت لفظة إمام.
وفي النسخ الانجليزية المعاصرة ترجمت عبارة (اثني عشر نسئيم) في بعضها إلي ( TWELVE RULERS ( وتعني (اثني عشر حاكما) ولفظة (رولر) ( RULER ( اسم فاعل وأصلها (رول) ( RULE ( وتعني القانون والدستور، الحكم والسلطة، المسطرة والمقياس، يوجه، يهدي، يحكم، يأمر (38) .
وفي بعضها الآخر ترجمت إلي ( TWELVE PRINCES ( أي (اثني عشر ملكا، أميرا) (39) .
ولنعد إلي اللفظ العبري (ناسي) فإنها قد وردت في التوراة العبرية وصفا لإِبراهيم كما في سفر التكوين 5:23 - 6 قال له بنوحث لما أراد أن يشتري مقبرة منهم لدفن سارة زوجته قالوا له (اسمعنا يا سيدي أنت رئيس من الله بيننا) في أفضل قبورنا أدفن ميتك واللفظ العبري لما بين القوسين (شماعينو ادوني نسئ ايلوهيم اتا) .
ومن الواضح أن مقام الرئاسة والإِمامة لابراهيم لم يكن له في بداية حياته الرسالية ولا حينما كان في المنفي، بل كان له في أخريات أيامه، والذي يذكره القرآن الكريم لإِبراهيم في أخريات أيامه هو (إمامة الناس) التي جعلها الله له، إذن الفقرة التوراتية (أنت رئيس من الله بيننا) يقابلها في التعبير القرآني إني جاعلك للناس إماما .
وفي ضوء ذلك تكون بركة الله لإِسماعيل ب- (اثني عشر رئيسا) يراد بها (اثني عشر رئيسا من الله) أي (اثني عشر إماما هاديا بأمر الله) وذلك لأن صاحب الوعد بهم هو الله تعالي وصاحب الطلب من الله تعالي هو إبراهيم، وإبراهيم لا يري في ولده قرة عين إلا إذا كان مستحقا للإِمامة الهادية التي تتقوم بصفة الاسلام بمعناه اللغوي أي التسليم التام لله تعالي كما لا يري لاسماعيل قرة عين من ولده إلاّ إذا كانوا كذلك: ربّنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما 74/25.