126المحسن: من الإِحسان أي الاستقامة وقوله تعالي: والذين اتبعوهم بإحسان 100/9 أي باستقامة وسلوك الطريق الذي درج السابقون عليه (8) وقوله تعالي: ومن يسلم وجهه إلي الله وهو محسن 22/31 أي وهو مستقيم.
إن قوله تعالي: لا ينال عهدي الظالمين ليس إشارة إلي كلّ الظالمين الفاسقين في قبال كل المحسنين المهتدين سواء كانوا من ذرية إبراهيم أو لم يكونوا وذلك لان إمامة الهدي والاضطلاع بعبء الرسالة وحفظها ونشرها جعله الله تعالي في ذرية إبراهيم وعقبه كما في قوله تعالي وجعلها كلمة باقية في عقبه 28/43. وقوله تعالي: وجعل في ذريته النبوة والكتاب إنَّ جعل الكتاب في ذرية إبراهيم يراد به توريثهم علومه ومسؤولية حفظه وبيانه وهذه المسؤولية علي نوعين:
الأول: مسؤولية خاصة بأشخاص معينين من قبل الله تعالي وهؤلاء قد يكونون أنبياء وقد لا يكونون، ولكنهم علي كل حال لا بد من أن يكونوا مطهرين وهؤلاء لا يكونون إلا من ذرية إبراهيم.
الثاني: مسؤولية عامة من دون عهد إلهي خاص للشخص. القائم بحفظ الرسالة وبيانها وهذه لا تختص بذرية إبراهيم.
والإِمامة المذكورة في قوله تعالي: إني جاعلك للناس إماما هي الإِمامة المذكورة في قوله تعالي: ولقد آتينا موسي الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدي لبني إسرائيل وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون 23، 24/32 ولم يكن كل هؤلاء الأئمة الهادين بأمر الله تعالي أنبياء ولكنهم كلهم معيّنون من الله تعالي بأسمائهم أورثهم العلم بكتابه واعلن عن طهارتهم وعصمتهم بواسطة من سبقهم من الأنبياء.
لقد وضع القرآن الكريم أساسا واضحا للإِمامة الهادية بأمر الله بعد إبرهيم سواء كانوا أنبياء أو لم يكونوا، وقد تمثل هذا الأساس بكون الامام الهادي بأمر الله لا بدّ من أن يكون إبراهيميا أولا أي من نسل إبراهيم.
ثم لا بدّ فيه من أن يكون متبعاً لملة إبراهيم اتباعا يجعله مع إبراهيم خطّاً واحدا لا اختلاف فيه، وحالة واحدة لا تفاوت فيها، قوامها التسليم التام لأمر الله تعالي: وان هذه امتكم أمة واحدة ذرية بعضها من بعض وهذا هو الأساس الثاني، وإليه يشير قوله تعالي علي لسان إبراهيم واجنبني وبني ان نعبد الأصنام. رب إنهن اضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم 35/36/14.