90المسجد، وهذا بعيد؛ لأن هذا التكليف لا تعلق له بالنصف، وفرق بين النصف وبين الموضع الذي عليه يقبل التنصيف، والكلام إنما يستقيم لو حمل على الثاني، إلّاأن اللفظ لا يدل عليه انتهى ما ذكره الرازي 1.
بينما ذهب الشعراوي في تفسيره إلىٰ كلا المعنيين للشطر (الجهة، النصف) ، حيث يقول في تفسير ما ذهب إليه: لأنه حين يوجد الإنسان في مكان يصبح مركزاً لدائرة ينتهي بشيء اسمه الأفق وهو مدى البصر. . . وما يخيل اليك عنده أن السماء انطبقت على الأرض. ثم يواصل كلامه فيقول: إن كلّ إنسان منا له دائرة علىٰ حسب نظره، فإذا ارتفع الإنسان تتسع الدائرة. . . وإذا كان بصره ضعيفاً يكون أفقه أقل، ويكون هو في وسط دائرة نصفها أمامه ونصفها خلفه. إذن الذي يقول: الشطر هو النصف صحيح، والذي يقول: إن الشطر هو الجهة صحيح 2.
أما السيد السبزواري فيقول في تفسيره لقوله تعالىٰ: فول وجهك شطر المسجد الحرام : الشطر يطلق على القسم المنفصل من الشيء، أي النصف والجزء، ومنه الحديث: «السواك شطر الوضوء» ، وقوله عليه السلام: «مَن أعان علىٰ مؤمن ولو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة اللّٰه» .
والمراد به هنا النحو والجهة، ولم تستعمل هذه الكلمة في القرآن الكريم إلّافي تشريع القبلة إلى المسجد الحرام. وإنما ذكر المسجد الحرام؛ لتوسعة الأمر، وأن الاستقبال إليه طريق إلىٰ استقبال الكعبة المقدّسة، وإلّا فإن القبلة هي الكعبة؛ لنصوص & متواترة بين الفريقين 3. .
وقال صاحب كنز العرفان: والشطر هو النحو والجهة قاله الجوهري وأنشد:
أقول لأمِّ زنباع أقيمي
وجوه العيس شطر بني تميمِ 4
فقه الآية:
بعد أن عرفنا أن المراد من كلمة (الشطر) لغةً وتفسيراً هو الجهة أو الناحية