89وهذا هو القول الأول.
أما القول الثاني: وهو قول الجبائي واختيار القاضي: إن المراد من الشطر هٰهنا: وسط المسجد ومنتصفه؛ لأن الشطر هو النصف، والكعبة واقعة من المسجد في النصف من جميع الجوانب، فلما كان الواجب هو التوجه إلى الكعبة، وكانت الكعبة واقعة في نصف المسجد: حسن منه تعالىٰ أن يقول: فول وجهك شطر المسجد الحرام يعني النصف من كلّ جهة، وكأنه عبارة عن بقعة الكعبة، قال القاضي: ويدل علىٰ أن المراد ما ذكرنا وجهان:
الأول: أن المصلي خارج المسجد لو وقف بحيث يكون متوجهاً إلى المسجد، ولكن لا يكون متوجهاً إلىٰ منتصف المسجد الذي هو موضع الكعبة، لا تصح صلاتُه.
الثاني: أنا لو فسّرنا الشطر بالجانب لم يبق لذكر الشطر مزيد فائدة؛ لأنّك إذا قلتَ: فول وجهك المسجد الحرام، فقد حصلت الفائدة المطلوبة، أما لو فسّرنا الشطر بما ذكرناه، كان لذكره فائدة زائدة، فإنه لو قيل: فول وجهك المسجدَ الحرام، لا يفهم منه وجوب التوجه إلىٰ منتصفه، الذي هو موضع الكعبة، فلما قيل: فول وجهك شطر المسجد الحرام حصلت هذه الفائدة الزائدة، فكان حمل هذا اللفظ علىٰ هذا المحمل أولىٰ.
فإن قيل: لو حملنا الشطر على الجانب يبقىٰ لذكر الشطر فائدة زائدة، وهي أنه لو قال: فول وجهك المسجد الحرام. لزم تكليف ما لا يطاق؛ لأن مَن كان في أقصى المشرق أو المغرب لا يمكنه أنه يولي وجهه المسجد، أما إذا قال: فولّ وجهك شطر المسجد الحرام أي جانب المسجد، دخل فيه الحاضرون والغائبون.
قلنا: هذه الفائدة مستفادة من قوله: وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره فلا يبقىٰ لقوله: شطر المسجد الحرام زيادة فائدة.
وهذا تقرير هذا الوجه. وفيه إشكال؛ لأنه يصير التقدير: فول وجهك نصف