226لقد كان عمار - بحق - الراية التي مَن انضوى تحتها فالجنة مأواه، ومن زاغ عنها فالنار مثواه.
تقول الرواية: جاء رجل الىٰ عبداللّٰه ابن مسعود، فقال له: يا أبا عبدالرحمن، إنّ اللّٰه عزّوجلّ، قد أمننا من أن يظلمنا، ولم يؤمنا من أن يفتنّا، أرأيت إن أدركتُ فتنة؟ قال: عليك بكتاب اللّٰه، قال: أرأيت إن كان كلهم يدعو الىٰ كتاب اللّٰه؟ قال: سمعتُ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يقول: إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق.
وفي حديث آخر عن ابن مسعود أيضاً، جاء رجل إليه فقال: إن اللّٰه أجار أهل الإسلام من الظلم ولم يُجرهم من الفتن، فإن وقع فما تأمرني؟ قال: انظر عمار بن ياسر أين يكون فكن معه، فإني سمعت رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله يقول: عمار يزول مع الحق حيث يزول 1.
وهذا هو بعينه ما وقع يوم التقى الجمعان في صفين ورفعت المصاحف، واضطرب الناس، فكان ابن سمية الراية الخفاقة التي تصدع بالحق، وتجهر به وتدعوهم أن هلموا اليّ.
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيّاً
ولكن لا حياة لمن تنادي
فأبوا إلّاراية الضلالة راية لهم يقاتلون تحتها ومن أجلها.
لقد كان عمّار مع الحق في حلّه وترحاله، في حركته وسكونه، في قوله وفي فعله. كما كان متيقناً أن ما قاله رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله واقع لا محالة ولا يقع غيره. فقد اشتكىٰ عمار شكوىٰ ثقُل منها، فغشي عليه، فأفاق، تقول مولاة له: ونحن نبكي حوله، فقال: ما يبكيكم؟ أتحسبون أني أموت على فراشي؟ أخبرني حبيبي رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أنه تقتلني الفئة الباغية، وأن آخر زادي من الدنيا مذقة لبن.
وفي حديث آخر: إني لستُ ميتاً من وجعي هذا، إن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله عهد إلي أني مقتول بين فئتين من المؤمنين عظيمتين، تقتلني الباغية منهما 2. وكان هذا الحديث الذي عرفت به الفئة الباغية حديثاً متواتراً ومن أصح الحديث، وحين لم يقدر معاوية علىٰ إنكار هذا الحديث قال: إنما قتله من أخرجه، وقد أجاب علي عليه السلام عن قول