222يتخلف عن مشاهد ومعارك الإسلام الأخرىٰ حتىٰ بعد وفاة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فقد شارك في معارك الردّة، اليمامة، وفي الفتوحات الإسلامية زمن الخلفاء، وكان له دور كبير في معركتي الجمل وصفين التي استشهد فيها.
وفي حفر الخندق: كان لعمار - مع كونه صائماً - السبق في ذلك، يقول جابر بن عبداللّٰه: إن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله والمسلمين لما أخذوا في حفر الخندق جعل عمار بن ياسر يحمل التراب والحجارة في الخندق، فيطرحه علىٰ شفيره، وكان ناقهاً من مرض، صائماً، فأدركه الغشي، فأتاه أبو بكر، فقال: أربع علىٰ نفسك (كفَّ وارفق) يا عمار، فقد قتلت نفسك، وأنت ناقه من مرض، فسمع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قول أبي بكر، فقام، فجعل يمسح التراب عن رأس عمار ومنكبه وهو يقول: يزعمون أنك متّ، وأنك قد قتلت نفسك، كلا واللّٰه حتىٰ تقتلك الفئة الباغية.
وفي معركة اليمامة سنة 11ه ضد المرتدين مسيلمة الكذاب وجنده وقع قتال وصفه الطبري بقوله: ثم التقى الناس ولم يلقهم حربٌ قطّ مثلَها من حرب العرب، فاقتتل الناس قتالاً شديداً. . . 1وكان لعمار بن ياسر أيضاً دور كبير فيها، وفي تثبيت المسلمين وتحقيق النصر. وقد اُصيبت أذنه يومها، فعن ابن عمر أنه قال: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة علىٰ صخرة وقد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرّون، أنا عمار بن ياسر، هلمّ إليَّ، وأنا أنظر الىٰ أذنه قد قطعت، فهي تَذبذَب، وهو يقاتل أشدَّ القتال 2.
وكان جدع أذنه موضع فخر له فيما راح آخرون يعيرونه به، فإذا ما اختلفوا معه وتنازعوا، قالوا له: أيها العبد المجدَّع. فكان يجيبهم: عيرتموني بأحبّ أذنيّ إليّ - أو خير أذنيّ.
وفي عهد الخليفة الثاني تولى عمار ولاية الكوفة لأكثر من سنة، وقد جاء فيما كتبه عمر إلىٰ أهل الكوفة: أما بعد، فإني قد بعثت إليكم عماراً أميراً، وعبداللّٰه بن مسعود معلماً (قاضياً) ووزيراً، وإنهما من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه و آله ممن شهدا بدراً، فاسمعوا لهما