175
للإنسان ما تمنّىٰ 1.
وكان لكلّ قبيلة من قبائل العرب في الجاهلية، صنمها الخاص بها تهلل حوله حتى تصل مكّة، وكان عبّاد كلّ صنم إذا أرادوا الحج، انطلقوا إليه، وأهلّوا عنده ورفعوا أصواتهم، ووقفت كلّ قبيلة عند صنمها وصلّت عنده، وكانوا عند ترديد التلبية يصفقون ويصفرون 2. وكانت التلبية هي: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك! إلّا شريكٌ هو لك! تملكُهُ وما مَلَكْ! 3.
وكان من شعائرهم في الطواف، أو لبعض منهم أن يطوفوا عرايا متجرّدين من كلّ ثيابهم، وهي شعيرة وثنية واضحة على الانحراف، وقد ذكر ذلك القرآن الكريم وكُتب الأحاديث والسير وكتب التاريخ.
والجدير بالذكر أنّ الحج إلى «بيت اللّٰه الحرام» في زمن الجاهلية لم يكن مقتصراً على العرب فقط، فقد ذكر لنا التاريخ أن الفرس وغيرهم حجّوا إليه وعظّموه وقدّموا إليه الذهب والفضّة والقرابين والنذورات وغيرها. . فقد جاء في مروج الذهب للمسعودي: «وقد كانت أسلاف الفرس تقصد البيت الحرام، وتطوف به، تعظيماً له» .
والمكاء: الصفير، بصيغة المبالغة طائر بالحجاز شديد الصفير، ومنه المثل السائر: (بنيك حمّري ومكئكيني) والتصدية التصفيق بضرب اليد على اليد، والمعنى أنّ المشركين في الجاهلية كان حجّهم وأعمالهم عند البيت الحرام، ما هي إلّا ملعبة من المكاء والتصدية 4. وهرجاً ومرجاً لا خشوع فيها ولا خضوع، لأنّها كانت صفيراً بالأفواه، وتصفيقاً بالأيدي 5.
وقد ورد عن الحج في الجاهلية: «أنّه كان يقام في الجاهلية كلّ عام سوقان في شهر ذي القعدة أحدهما في عكاظ والآخر في مجنة، وكان يتلوهما في الأيام الاُولى من ذي الحجة سوق ذي الحجاز، ومنه يخرج الناس إلى عرفات مباشرة. . وكان الحج إلى عرفات يقع في التاسع من ذي ا لحجة، وكانت شتّى قبائل العرب