129ويدعون بذلك الدعاء المعلوم، ويعودون أدراجهم. ومرّة اُخرىٰ يدخلون إلىٰ هذا السوق. فعندما يسعون أربع مرات من الصفا إلى المروة، وثلاث مرات من المروة فإنهم بذلك يقطعون السوق سبع مرات، وينزلون من جبل المروة علىٰ سوقٍ فيه عشرون دكاناً متقابلة، وفيه حجّامون، وهم منتظرون ليحلقوا الرؤوس. وعندما تنتهي العمرة، يخرجون من الحرم، إلىٰ هذا السوق الكبير الواقع بجهة المشرق، والذي يُدعىٰ بسوق العطّارين: وفيه أبنية جميلة، وكلّهم بائعوا عقاقير.
يوجد في مكّة حمّامان. أرضيّتهما من الحجر الأخضر، وهو الحجر الذي تُسنّ به السكاكين. ولقد خمّنتُ أن عدد سكان مكّة لا يتجاوز ألفي رجل من الحضر، والبقية الذين يقدّرون بخمسمائة رجل هم من الغرباء والمجاورين. وفي ذلك الزمان، كان القحط قد ضرب المدينة، وكانت قيمة 16 مَنّاً من الحنطة، ديناراً مغربياً واحداً مما دفع أهل مكة للخروج منها.
توجد داخل مدينة مكّة منازل كبيرة خاصة لمسافري بلاد خُراسان، وما وراء النهر، والعراق وغيره، ولكن كانت في معظمها خَرِبة ومُهدّمة. وقد شيّد خلفاء بغداد هناك أبنية عديدة وجميلة. وفي ذلك الزمان الذي وصلنا فيه، كان بعضها قد هُدِّم وبعضها الآخر قد بنوا عليها الأبنية الخاصة.
آبار مكّة كلّها مالحة ومُرّة، إلىٰ درجة يصعب شربها، ولكنهم بنوا أحواضاً ومصانع كثيرة قُدّرت كلفة كلّ منها بعشرة آلاف دينار. حيث تمتلئ هذه الأحواض بمياه الأمطار الجارية من الوديان. وفي ذلك الوقت الذي كنّا هناك كانت خالية.
وكان أمير عدن هناك، حيث كان يُدعىٰ ب «ابن شاد دل» .
وقد جلب ماء من السراديب إلىٰ مكّة، وبذل في سبيل ذلك أموالاً طائلة، وفي عرفات كانوا يأخذون من ذلك الماء لزراعتهم. وقد سخّروا الماء لتلك المنطقة. وأنشأوا بساتين فيها، وكان قليل منه يأتي إلىٰ مكّة، ولكن لا يصل الى المدينة