128وللّذي ينوي العمرة، إذا أقبل من مكان بعيد، وكان علىٰ مسافة نصف فرسخ من مكّة، فأينما وجد الأميال منصوبة، ورأى المساجد، أحرم من هناك للعمرة. والإحرام هو أن ينزع عنه الثياب المخاطة ويشدّ إزاراً علىٰ ظهره، ويلفّ آخر علىٰ بدنه ويهتف بصوتٍ عالٍ: «لبّيك اللّهم لبّيك. . .» ويتّجه صوب مكّة.
وأما المقيم بمكّة ممّن نوى العمرة، إذا وصل إلىٰ تلك الأميال فعليه الإحرام، ويصيح لبّيك، ثم يأتي إلىٰ مكّة بنيّة العمرة، وإذا وصل إلى المدينة أتى المسجد الحرام، واقترب من بيت اللّٰه، ويطوف من اليمين، فيكون البيت علىٰ يساره: ويصل إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود فيقبّله، ويعدّي الحجر، ويطوف حتىٰ يصل مرّة اُخرى إلى الحجر ويقبّله فيكون هذا شوطاً واحداً ويكرّره سبع مرّات. ثلاث منها في حالة الهرولة، والأربعة الباقية بتوءَدة. وإذا فرغ من الطواف، يذهب إلىٰ مقام إبراهيم عليه السلام في مقابل البيت، ويقف وراء المقام، فيكون بينه وبين البيت. ويُصلّي عنده ركعتين يقال لها: صلاة الطواف. وبعد ذلك يأتي إلىٰ بئر زمزم، ويشرب منه الماء، أو يمسح به علىٰ وجهه، وبعدها يخرج من المسجد الحرام إلىٰ باب الصفا - وهو أحد أبواب المسجد، فإذا خرج منه لقيه جبل الصفا - فيقف علىٰ أعتاب جبل الصفا، ويستقبل البيت، ويدعو بالدعاء المعلوم. وبعد قراءته الدعاء، ينزل منه، ويذهب نحو المروة عن طريق السوق، بحيث يكون اتجاهه من الجنوب إلى الشمال، وعندما يمرّ بهذا السوق يدور حول أبواب المسجد الحرام، وداخل السوق - وفي المكان الذي سعىٰ فيه رسول اللّٰه، عليه الصلاة والسلام، وهرول وآخرون كذلك هرولوا - يهرول خمسين خطوة.
يوجد علىٰ طرفي هذا الموضع - موضع الهرولة -، أربع منارات، فيأتي الناس من جبل الصفا، وعندما يتوسطون هاتين المنارتين، يهرولون من هناك، حتىٰ يصلوا إلى المنارتين الأخريين، الواقعتين في الطرف الآخر من السوق؛ ليمشوا بعدها بتمهّل، حتىٰ جبل مروة، وحينما كانوا يَصلون إلى الأعتاب يصعدون عليها،