130نفسها. وكذلك أنشأوا حوضاً؛ يتجمّع الماء فيه، فيأخذ منه السقّاؤون؛ لبيعه في المدينة.
وعلىٰ مسافة نصف فرسخ من طريق برقة، يوجد مسجدٌ جميلٌ يضمّ بئراً يقال له بئر الزاهد، وماء ذلك البئر عذبٌ، ولهذا يذهب السُقاة إلىٰ هناك ويحملون الماء ليبيعوه في المدينة.
إن المناخ في مكة قائض. ووجدت هناك الخيار والأترج والباذنجان الطازج، حيث كان الوقت أواخر شهر بهمن. وهذه هي المرة الرابعة التي أزور بها مكّة، وقد جاورتها من غرّة رجب سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة وحتى العشرين من شهر ذي الحجة.
في الخامس عشر من شهر فروردين كان العنب قد نضج، وقد شحنوه من الأرياف إلى المدينة، لبيعه في الأسواق. وفي أوائل شهر ارديبهشت، وصلت كمّيات كبيرة من البطيخ إلىٰ هنا، وكان الشتاء هناك يحمل معه مختلف أنواع الفاكهة، ولم تخلُ الأسواق منها أبداً.
قلنا في وصفنا للمسجد الحرام والكعبة المشرفة: إنّ الكعبة تتوسط المسجد الحرام، والمسجد يتوسط مكّة، أما جدار المسجد فمنحنٍ وأركانه مائلة وهو أقرب إلى الدائرة، لتكون الصلاة فيه، ومن جميع الجهات، باستقبال القبلة. ويبلغ طول المسجد الذي يبدأ من المشرق الى المغرب أي من باب إبراهيم عليه السلام وانتهاءً بباب بني هاشم (424) أرشاً، وعرضه من باب الندوة، من جهة الشمال، وحتىٰ باب الصفا، في الجنوب، في أوسع نقاطه، يكون بحدود (304) أرشات. وبسبب شكله الدائري، فهو يحتوي علىٰ أماكن واسعة واُخرىٰ ضيّقة.
وتحيط بالمسجد من جميع أطرافه، ثلاثة أروقة مغطاة ومحمولة علىٰ أعمدة من رُخام، وتشكل هذه الأعمدة خمسة وأربعين قوساً تحيط بساحة المسجد، وعرضها كان ثلاثة وعشرين قوساً، أما عدد الأعمدة الرخامية فهو مائة وأربعة