30تنفكّ - مفيداً للفورية.
أما على ما ذهبنا إليه، فإنّ الصيغة وإن لم تدلّ أو توضع للفور أو التراخي وإنما لنفس النسبة الطلبية؛ لكنّ جواز التراخي يمتاز عن الفور بأنّه مقتضى الإطلاق؛ لأنّ الواجب مادام غير محدّد بأوّل أزمنة الإمكان، دلّت الصيغة على أصل المطلوبية، أما زمانها فإن لم تبرز قرينة الفور التي تُقدّم معطى إلزامياً أزيد، كان الإطلاق وقرائن الحكمة لصالح جواز التراخي؛ ولهذا نقول بجواز التراخي للإطلاق المستفاد من أصل إرادة الطبيعة، ما لميبلغ التراخي حدّ صدق عنوان التمرّد والتهاون بأصل المطلوبية، وهذا منّا غير القول بالتراخي؛ لأننا نتحدث في جواز التراخي لا أخذ التراخي قيداً في المكلّف به.
بل لعلّ التأمّل على مستوى البحث الأصولي يقضي بأنّ القائلين بالتراخي قصدوا جوازه لا مطلوبيّته، ولا كونه جزءاً من المأمور به بنحو تعدّد المطلوب أو وحدته، ومعه فلا يصحّ القول بنفي جواز التراخي بالإطلاق بحجّة أنّ الصيغة لا تدلّ إلا على مطلوبية الامتثال، فإنّ هذين لا يتنافيان، ومن ثمّ فمقتضى الإطلاق الفور، وفاقاً لما ذهب إليه بعض الفقهاء المعاصرين. 1
ج- إنّ ما ذكره العلامة فضلالله تامّ جداً في حدّ نفسه، لكنّه يعاني من مشكلة تسليمه بالكبرى وقد ناقشناها، وحديثه عن الوثوق النوعي لو حلّلناه، لكان يفترض أن يسوقه إلى إنكار الكبرى؛ لأنّ الوثوق النوعي هذا يثبت أنّ المطلوب هو الامتثال، وأنّ العقل لا يريد سوى عدم التمرّد، لا أنه يريد المبادرة إلى إفراغ الذمّة، ولكن لأجل الوثوق يرتفع هذا الأمر؛ فإنّ الوثوق المذكور يقف في مقابل إلزام العقل بالامتثال وعدم التهاون به، فيأتي الوثوق أحياناً ليثبت عدم التهاون، ولا يقف في مقابل حكم العقل بلزوم البدار عند الشك في البقاء، فإنه لو صدر هذا الحكم لما أفاد الوثوق النوعي شيئاً؛ لأنّ عدم البدار قد تحقّق