19
يلاحظ عليه: أنّ التقية سلاح الضعيف في البيئات الّتي كُبتت فيها الحرية، فإذا كان هناك خطر على النفس والنفيس فالتقية أمر واجب عقلاً وشرعاً، وهذا ما يعبر عنه بالتقية الخوفية.
وهناك تقية أُخرى يعبر عنها بالتقية المداراتية، وهي المماشاة مع سائر المسلمين في الحرمين الشريفين، وذلك لا لأجل الخوف بل لأجل حفظ وحدة الأُمة الإسلامية ومصالحها، فلا شك أنّ وحدة الكلمة هي مصدر قوة الأُمّة وأنّ اختلافها سبب انهيار أركان المجتمع وضعفه، فظهر أنّ رمي الكاتب الشيعة بالقول بوجوب التقية في الاضطرار والاختيار خلاف ما عليه فقهاء الشيعة، فهم يفرّقون بين التقيتين الخوفية والمداراتية، ويحكم عليها بالوجوب في الأُولى وبالاستحباب في الثانية.
قال: الفرق الخامس: التقيّة الشرعية إنّما تكون باللسان لا بالأفعال، وأمّا التقية الشيعية فهي باللسان وبالأفعال.
يلاحظ عليه: ما هو الدليل على تخصيص التقية باللسان، فإذا كانت الغاية هو حفظ النفس والعرض، فلا فرق بين دفع الشرّ باللسان أو بعمل من الأعمال، وقد مرّ عن الشيخ المراغي قوله ويدخل في التقية مداراة الكفرة والظلمة والفسقة وإلانة الكلام لهم والتبسّم في وجوههم، وبذل المال لهم لكفّ أذاهم وصيانة العرض منهم ولا يعدّ هذا من الموالاة المنهيّ عنها، بل هو مشروع، قد أخرج الطبراني قوله (ص) :
«ما وقى المؤمن به عرضه فهو صدقة» .
1
وقد مرّ عن بريدة بن عميرة. قال: لحقت بعبدالله بن مسعود، فأمرني بما أمره به رسولالله أنّ أُصلي الصلاة لوقتها واجعل صلاتهم تسبيحاً. قال ابن عساكر: يعني أنّ الأُمراء إذا أخّروا الصلاة أُصلّيها لوقتها ثم أُصلّي معهم نافلة مخافة الفتنة. 2
أفيصح بعد هذا أن يقول الكاتب