18من أصحاب علي (ع) الذين بهم عرف الناس التشيّع واعتمدوا عليهم، فلو استجابوا لما دعوا إليه من البراءة عن علي (ع) لخرج الناس عن دين الله وارتدوا.
قال سيدنا الأُستاذ الإمام الخميني (قدس سره) : إذا كان الاتقاء موجباً لرواج الباطل وإضلال الناس وإحياء الظلم والجور بحيث لو عُمل بالتقية أصبح دين الإسلام الذي هو دين كلّ فضيلة رابية، دينَ المكر والغدر والحيلة، مثلاً إذا أوعد السلطان الجائر عالم الشريعة وخيّره بين إنكار ضرورة من ضروريات الإسلام وبين قتله، كان اختيار الثاني هو المتعيّن، حتى ولو خيّره بين القتل وارتكاب معصية من المعاصي التي تورث تزلزل الناس عن الدين، فعندئذٍ تحرم عليه التقية.
مثلاً لو خُيّر المرجع الديني بين لعب القمار أو شرب الخمر أو كشف حجاب زوجته بين الناس وبين الحبس والقتل، فالثاني هو المتعيّن، فلا أظن أنّه يخطر ببال أيّ فقيه في هذا المقام العمل بالتقية، وتحكيم أدلّتها على حفظ الدين وسلامة العقيدة بين الناس.
فالمقام من باب التزاحم الذي يقدّم فيه الأهم فالأهم على غيره، فلو كانت هناك مؤامرة على الدين وقوانينه وأحكامه، فالتقية تصبح محرّمة وإن بلغ الأمر ما بلغ.
وبذلك تقف على أنّ كلام القائل بانّه ليس للتقية عند الشيعة إلاّ قسم واحد وهو الوجوب والعزيمة، يعرب عن عدم اطّلاعه على فقه الشيعة.
قال: الفرق الرابع: التقية الشرعية إنّما يلجأ إليها في حالة الضعف لا في جميع الأحوال، وأمّا التقية الشيعية فهي في جميع الأحوال بلا استثناء، ولا تفريق بين حالة الضعف وحالة القوة، وينقلون عن الصادق (ع) أنّه قال:
«ليس منا من لم يجعلها شعاره ودِثاره مع من يأمنُه، ليكون سجيّته مع من يحذره» .