12ولمّا صار عدم الاعتداد بهذا الحكم سبباً لسفك الدماء وإزهاق أرواح الشيعة أخذ الإمام بالتأكيد على النحو الّذي عرفناه، وكذلك فمن أساليب المبالغة في المقام قول المعصوم:
«إنّ تسعة أعشار الدين في التقيّة» .
1
وهنا احتمال آخر لقوله:
«لا إيمان لمن لا تقية له» وهو نفي الإيمان بمعنى الالتزام العملي الّذي هو من آثار الإيمان، لا الإيمان القلبي الّذي يدور على وجوده وعدمه الإيمان والكفر.
وأفصح دليل على أنّ التقية من الأحكام الشرعية الفرعية لا من الأُصول، هو نفس ما رواه الكاتب عن الصادق (ع) من أنّه شبّه تارك التقية بتارك الصلاة، ومن المعلوم أن وجوب الصلاة حكم فرعي من الأحكام الشرعية الّذي لو تركه مسلم تساهلاً يعاقب ولا يكفّر، وهكذا تارك التقية.
وثالثاً: إنّ للتقيّة حقيقة واحدة، وهي المماشاة مع المخالف إذا خيف من ضرره، فحقيقتها لاتختلف باختلاف الأنظار، سواء أقيل: إنّها من الأحكام الشرعية، أو قيل إنّها من الأُصول، فالحقيقة واحدة واختلاف الأنظار في تحليلها لا يوجب التعدّد حتّى يقال: إنّ هنا تقيّة شرعية، وتقية شيعيّة، ولنوضح الحال بمثال: إنّ ترك الصوم تقيّة في يوم الشكّ ومماشاة للحكم الصادر ممّن ليس له أهليّة الحكم، حقيقة واحدة، سواء أقلنا بأنّ التقية هنا من الفروع أو من الأصول واختلاف المحلّلين لايؤثر في حقيقة الشيء ولا يوجب تعدده، والعجب أنّ الكاتب جعل اختلاف الأنظار على فرض ثبوتة أمراً داخلاً في حقيقة التقيّة! !
وأظنّ أنّ الكاتب لو كان منصفاً لأذعن بخطئه، وأنّ استنباطه من الحديث استنباط خاطئ. هذا كلّه يرجع إلى الفرق الأوّل، وإليك دراسة الفرق الثاني.
قال: الفرق الثاني: أنّ التقية