11العيون وصلبهم على جذوع النخل وطردهم وشرّدهم من العراق، فلم يبق بها معروف منهم. 1
ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين (ع) وتولّي عبدالملك بن مروان، فاشتدّ على الشيعة وولّى عليهم الحجاج بن يوسف، فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض عليّ (ع) وموالاة أعدائه وموالاة من يدّعى من الناس أنّهم أيضاً أعداؤه، فأكثروا من الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم وأكثروا من الغضّ من علي (ع) وعيبه والطعن فيه والشنآن له حتّى أنّ إنساناً وقف للحجاج - ويقال أنّه جدّ الأصمعي عبدالملك بن قريب - فصاح به: أيّها الأمير إنّ أهلي عقّوني فسمّوني علّياً وإنّي فقير بائس، وأنا إلى صلة الأمير محتاج. فتضاحك له الحجاج وقال: لِلُطف ما توسّلت به قد ولّيتك موضع كذا. 2
ففي هذه الأجواء القاسية الّتي يتقرَّب فيها بقتل الشيعة إلى الحكّام يرى بعض شباب الشيعة، التظاهرَ بالعقيدة لساناً وعملاً أمراً مقرّباً إلىالله سبحانه، فلأجل صيانة دمائهم وعدم إراقتها دون طائل صدرت هذه الروايات للمنع عن التظاهر بالتشيّع، ولم يكن هناك تعبير أردع لشيعة الإمام عن التظاهر بالتشيع إلاّ أن يقول:
«لا دين لمن لا تقيّة له» .
وبعبارة أُخرى: أنّ الهدف من هذه التعابير هو التأكيد على العمل بالتقية، لأنّ كثيراً من شيعة الأئمة كانوا لا يحتاطون فيعرِّضون أنفسهم وأموالهم للخطر بتظاهرهم بالتشيع، و ربما يتسرّعون إلى ذلك بلا مبالاة، تصوّراً منهم أنّ هذا النوع من الاضطهاد شهادة في سبيل الله، ولأجل إيقافهم عن هذا الأمر أخذ الإمام يخاطبهم بهذا الخطاب ويؤكّد عليهم.
وهذا الأُسلوب من الكلام غير بعيد عن كلمات الرسول (ص) وأهل بيته (عليهم السلام) نظير قوله (ص) :
«لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد» .