10أضف إلى ذلك: أنّ المائز بين كون الشيء من الأُصول أو الفروع هو أنّه لو كان الشيء من الأُمور القلبية الّتي يجب الالتزام بها فيعدّ من الأصول، كالتوحيد على عامّة مراتبه، والنبوّة العامّة والخاصّة، والمعاد، إلى غير ذلك من الأُمور الّتي ربما يقال بوجوب الالتزام بها عند الالتفات، وأمّا لو كان مصبّ الشيء هو العمل الجانحي كالصلاة والزكاة فهو من الفروع، ومن المعلوم أنّ التقية عبارة عن القيام بالأعمال الّتي تدفع شر العدوّ الغاشم من دون التزام بصحّة ما عمل، فيكون من الفروع لامحالة.
وبعبارة أُخرى: التقية سلاح الضعيف في البيئات الّتي كُبتت فيها الحرّية، فلا يجد المسلم الشيعي بدّاً من المماشاة عملاً مع أخيه فيما يرجع إلى الأُمور العبادية وغيرها، فهل يمكن عدّ مثل ذلك من الأُصول؟ !
أمّا ما استدل به من الحديثين فقد غفل عن سبب صدورهما، فقد كان الشيعة إبّان الحكم الأمويّ يُقتلون تحت كلّ حجر ومدر، ورمي الرجل بالكفر يومَ ذاك كان أسهل عليه من رميه بالتشيع! ! وذلك من أجل المرسوم الحكومي الّذي أصدره معاوية بن أبي سفيان إلى الأمصار، وبقي ساري المفعول إلى نهاية الحكم الأموي وبعده أيضاً: «روى أبوالحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الأحداث قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة! ! : أن برئت الذمّة ممّن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كلّ كورة وعلى كلّ منبر يلعنون علياً (ع) ويبرأون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذٍ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي (ع) فاستعمل عليها زياد بن سمية وضمّ إليه البصرة فكان يتتبّع الشيعة وهو بهم عارف، لأنّه كان منهم أيام علي (ع) فقتلهم تحت كلّ حجر ومدر، وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل