9آخر كلامه: ولم أقف في ذلك على رواية من طرق الأصحاب، والمسألة محل تردّد، ولا ريب أنّ الوقوف في جهة الإمام أولى وأحوط. 1وأمّا الشيخ الأكبر كاشف الغطاء فلم يهتم بالإشكال الثاني و إنّما اهتم بالاشكال الأول وقال: وحول الكعبة يصح الدوران في الصف ومقابلة الوجوهِ الوجهَ بشرط أن تكون الفاصلة من جانب المأمومين أوسع. 2وسيأتي حدّ الفاصل اللازم بين الإمام و الكعبة، وبينها وبين المأموم فانتظر.
إلى غير ذلك من الكلمات للمتأخرين والمعاصرين وربّما نمرّ على كلماتهم عند الاستدلال على حكم المسألة.
الرابع: ماهو الأصل فى المسألة
إنّ الأصل في المقام هو الفساد إلاّ أن يدل دليل على خلافه، وذلك لأنّ العبادات أمور توقيفية لا دور للعقلاء فيه، فإذا شُك في امتثال الأمر بالفرد الخاص فالأصل هو الفساد.
وإن شئت قلت: إنّ مشروعية العبادات أمر توقيفي فما عُلم كونه مشروعاً فهو مشروع، وما شُك في مشروعيته فهو ممنوع وإن كان في الواقع مشروعاً، وهذا كإتيان الصلاة مع قبض اليد اليسرى في اليمنى، حيث إنّ للصلاة فردين ومصداقين: أحدهما إتيان الصلاة بالسدل والآخر بالقبض، فالشك في جواز القبض كاف في كونه بدعة مبطلة للصلاة؛ وهذا هو الأصل في المقام.
وربّما يقرر بأنّ الأصل في المقام هوالصحة، وهو أنّ صلاة الجماعة ترجع في حقيقتها إلى أنها هي عدل للواجب التخييري، لا أنها من مسقطات وجوب الصلاة، فإذاً يدور الأمر بين كون الواجب هو الفرادى ومطلق الجماعة، وبين كون الواجب هو الفرادي و الجماعة المقيّدة بأنها بغير الاستدارة، ومقتضى الأصل هو البراءة عن هذا التقييد. 3يلاحظ عليه: أنّ المأمور به هو طبيعة الصلاة والصلاة جماعة وفرادى من مصاديق هذا الواجب، والتخيير بين المصداقين عقلي لاشرعي، وعلى هذا فيكون مرجع الشك إلى سقوط الطبيعة بالفرد الخاص والأصل خلافه، فإنّ قاعدة الاشتغال محكمة حتّى يثبت الامتثال؛ وبالجملة إذا كانت للطبيعة المأمور بها مصاديق مختلفة، ويقطع بحصول الامتثال ببعض المصاديق ويُشك في حصوله بالبعض الآخر، يكون المقام محكوماً بالاشتغال، لأنه من قبيل الشك في السقوط؛ فلو أمر المولى بتطهير النجس بالماء وشك في صحة التطهير بماء الكبريت، فالاشتغال محكم مالم يكن هنا إطلاق لفظي حاكم على الأصل.