8وقد صرح بهذا في المنتهى وقال: لو صلّي الإمام في المسجد الحرام إلى ناحية من نواحي الكعبة واستدار المأمومون حولها، صحت صلاة مَن خلف الإمام خاصة، سواء أكان بعد المأمومين في الجهة الأُخرى عنها أكثر من بعد الإمام أو لا، خلافاً للشافعي وأبي حنيفة.
لنا: إنّ موقف المأموم خلف الإمام أو إلى جانبه وإنّما يحصل في جهة واحدة، فصلاة من غايرها باطلة، ولأنهم وقفوا بين يدي الإمام فتبطل صلاتهم. 1وعبارته كالصريح في أنّ المحذور ليس هو تقدّم المأموم بل مواجهته للإمام، وهذا صريح قوله: «ولأنّهم وقفوا بين يدي الإمام» .
فظهر ممّا نقلناه أنّ مشكلة الصلاة مستديرة أمران:
لزوم تقدّم المأموم على الإمام في بعض الصور.
مواجهة المأموم للإمام أحياناً.
ويظهر من الشهيد في «البيان» أنّ المانع عنده هو الوجه الأول قال: ولو صلّوا جماعة فلهم الاستدارة حولها، وينبغي أن لا يكون المأموم إليها أقرب من الإمام.
ويظهر منه (قدس سره) في كتاب «الدروس» أنّ المانع هو نفس ما ذكره في البيان حيث قال: أن لا يتقدّم المأموم على الإمام بعقبه، ولا عبرة بمسجده إلاّ في المستديرين حول الكعبة بحيث لا يكون المأموم أقرب إليها. 2وقال في «الذكرى» : لو استطال صف المأمومين مع المشاهدة حتّى خرج عن الكعبة، بطلت صلاة الخارج لعدم إجزاء الجهة هنا؛ ولو استداروا صحّ، للإجماع عليه عملاً في كلّ الأعصار السالفة؛ نعم، يشترط أن لا يكون المأموم أقرب إلى الكعبة من الإمام. 3وظاهر هذا الكلام أنّ الإشكال عنده هو تقدّم المأموم على الإمام، ولذلك اشترط أن لا يكون المأموم أقرب إلى الكعبة من الإمام.
و أمّا الشهيد الثاني فيظهر منه أيضاً أنّ الإشكال هو تقدّم المأموم على الإمام في الصلاة استدارة، فقال: إنّ قول المحقّق «ولا يجوز أن يقف المأموم قدّام الإمام» مفهومه الاعتبار بتساوي الأقدام حال القيام، . . . إلى أن قال: و أمّا في حال الركوع فظاهرهم أنه كذلك و أنه لا اعتبار بتقدّم رأس المأموم، وكذا حال السجود و التشهد فيجوز تقدم رأس المأموم على رأسه؛ لكن يستثنى منه مالو كانت الصلاة حول الكعبة، فإنّه لايجوز أن يكون مسجد المأموم أقرب إليها. 4وأمّا سبطه فقد ألمح إلى كلا الإشكالين، حيث ذكر كلام ابن الجنيد والشهيد في الذكرى اللّذين ركّزا على الإشكال الأول، ثم نقل كلام العلاّمة في التذكره والمنتهى الّذي يشير إلى الإشكال الثاني، وقال في