85
خلاصة الكلام فى هذا البحث:
أولاً: الاستطاعة
بعد التتبّع للاستطاعة في اللغة والقرآن و الروايات، انتهينا إلى أنّالاستطاعة كسائر العناوين إذا أخذت في لسانالأدلة القرآنية، وعلى حسب ما تفسرها الروايات الواردة فيها، فلها معنى خاص يسمى بالاستطاعة العرفية.
والاستطاعة العرفية أضيق من الاستطاعة العقلية؛ التي تعني القدرة على إحداث الفعل بأيّ نحو كان، ولو بالمشقة الشديدة والعسر والحرج؛ وأمّا الاستطاعة العرفية فهي ما يعتبره العرف ويسميه استطاعة، ولايسوّغ إحداث الفعل بأيّ نحو كان، بل بما هو المتعارف في العرف من دون التفات إلى الآلات.
أمّا الاستطاعة الشرعية فهي أضيق من الاستطاعتين المذكورتين (العرفية والعقلية) ؛ لأنّالشارع اعتبر فيها، إضافةً إلى ما يعتبره العرف، قيوداً وشروطاً خاصة مثل الراحلة في استطاعة السبيل إلى الحج، أو عدم استلزامها ترك واجب أو إتيانفعل حرام في الشرع؛ فالاستطاعة العرفية أوسع من الاستطاعة الشرعية، وأضيق من الاستطاعة العقلية، والاستطاعة الواردة في تشريع الحج على حسب ما تتبعنا في المصادر، فإنّالمراد منها هي استطاعة عرفية، لاعقلية، و لاشرعية.
ثانياً: التزاحم
إنّالكلام في دراسة التزاحم بين الحج والفرائض ليس على سياق واحد، فقد يقع التزاحم والشارع رجح جانب الحج اهتماماً بالحج ومكانته، كما لوحصل التزاحم بين الحج والنذر، فإنّالحج واجب الأداء، لكنّه إذا أوجب إتيانالمنذور ترك الحج فالحج واجب الإتيانبه، ومقدم على النذر، لفقدانالرجحانفي متعلق النذر؛ وكذا فيما لو حصل التزاحم بين الحج وإطاعة الزوج، فقد رجح الشارع جانب الحج؛ لأنّه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ فالحج واجب وتركه لمزاحمته بإطاعة الزوج معصية للخالق، ومنطبق عليه الحديث، فالحج مقدم على إطاعة الزوج، وإطاعة الزوج واجب إلاّفيما خالف طاعة الله سبحانه وتعالى.
وقد يرجح الشارع جانب الفريضة على الحج، فإنّالاستطاعة لو زاحمت الفريضة لاتتحقق، مثلما إذا وقع التزاحم بين الحج والنكاح، فإنّالنكاح يعتبر من الحاجات الطبيعية للإنسان، والاستطاعة تحصل بعد رفع الحاجات الطبيعية والضرورية، فالنكاح مقدم على الحج؛ وكذا فيما لو وقع التزاحم بين الحج والدَّين؛ فتحصّل أنّرفع التزاحم يكون بترجيح الأهم على المهم بما يستفاد أهميته من كلمات الشارع مباشرة أو بالإيماء والإشارة، ومن القوانين المبيّنة في الكتاب والسنّة.
* * *