46الهوى) ومحرمات الزي والجدال (التي تعود إلى عامل الأنا) والمحرمات الأخرى التي تمكّن الإنسان من التقشف، ومكافحة عامل حبّ الراحة والعافية، وهذه هي القيمة الأولى للحج، وهي (التقوى) و (كفّ النفس) .
والقيمة الثانية للحج (الكدح) ، ولاشك أنّ (الكدح) إذا كان لله وفي سبيل الله، يحمل قيمة كبيرة؛ وفي العمرة والحج كدح شديد وكثير، من الطواف والسعي والوقوفين والإفاضة والرمي وغيرها، و لاشك أنّ التشريع الإسلامي أخذ حالة (الكدح) بنظر الاعتبار في العمرة وبصورة خاصة في الحج، ولانعرف في التشريعات الإسلامية عبادة تتطلب كدحاً أكثر من الحج إلاّ (الجهاد) و هذه هي القيمة الثانية للحج.
والقيمة الثالثة للحج (البذل) ففي الحج بذل عظيم للأموال، كما فيه كدح كثير للأجسام؛ فإنّ نفقات الحج نفقات عالية تتطلب الاستطاعة المالية. . . ولا نشك أنّ البذل والإنفاق قد أخذ أيضاً بنظر الاعتبار في تشريع الحج، كما لوحظ عنصر (الكدح والإرهاق) .
و القيمة الرابعة للحج: (الذكر) فإنّ الحج يتضمّن ذكراً كثيراً لله، يرافق أعمال الحج، من التلبية إلى الإفاضة إلى البيت الحرام، ومنه إلى عرفة والمزدلفة.
وَاذْكُرُوا اللهَ فِى أيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ . 1فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أوْ أشَدَّ ذِكْراً . 2كما أنّ عامة أعمال الحج، والالتزام بترك محرمات الإحرام من الذكر العام، والذكر العام هو المقسم العام للذكر، ومنه يتفرع الذكر الخاص وهو الذكر باللسان.
روى الصدوق في معاني الأخبار عن حسين البزاز، قال: قال أبوعبدالله (ع) : «ألا أحدثك بأشدّ ما فرض الله على خلقه؟ قلت: بلى. قال: إنصاف الناس من نفسك، ومواساتك لأخيك، وذكر الله في كلّ موطن؛ أما إنّي لاأقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وإن كان هذا من ذاك، ولكن ذكر الله في موطن إذا هجمت على طاعة أو معصية» . 3و هذا هو قوله تعالى:
إنَّ الَّذيِنَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُمْ مُبْصِرُونَ . 4وهذا هو الذكر العام، وهو أن يتذكر العبد ربه عندما يقدم على طاعة، أو يقدم على معصية، فيتذكر الله تعالى فيكفّ عنها.
و في المحاسن عن الصادق (ع) في الحديث القدسي: «قال الله تعالى: يابن آدم أذكرني في نفسك، أذكرك في نفسي، ابن آدم أذكرني في خلاء، أذكرك في خلاء، أذكرني في ملاء أذكرك في ملاء خير من ملائك» . 5