47وأعمال الحج ومحرماته تتضمّن الذكر العام بهذا المعنى. . . وما من عمل يؤديه الحاج، أو محرّم يكفّ عنه الحاج، إلاّ وهو يتضمّن ذكر الله.
وهذا الذكر في مقابل الغفلة عن ذكر الله، وغياب النفس عنه، وكلّما تتطلب الطاعة كدحاً أكثر، وكلّما يتطلب الكفّ عن المحرمات جهداً نفسياً أكثر، يتضمن الطاعة والكفّ ذكراً أكثر وأعظم لله تعالى، وهذا هو القيمة الرابعة للحج.
منازل الرحمة الزمانية والمكانية فى الحج
والقيمة الخامسة للحج، حضور العبد في منازل رحمة الله الزمانية والمكانية في الحج، وهو أعظم هذه القيم جميعاً. . . وهي كثيرة.
منها: مواقيت الإحرام والتلبية، ومنها: البيت الحرام، والطواف، والسعي، والوقوفان، ومنى، والرمي، والنحر. . . وأعظمها الوقوف بوادي عرفة، بعد الزوال من يوم التاسع من ذي الحجة، في أعظم جمهور لضيوف الرحمن على وجه الأرض كلها في دورة السنة.
وهذا إجمال لابدّ له من تفصيل وتوضيح، فأقول: إنّ المنازل الزمانية والمكانية لشعائر الحج، من منازل الرحمة. . . وهذان منزلان للرحمة.
المنازل الزمانية مثل يوم عرفة، وليالي التشريق، وعيد الأضحى.
و المنازل المكانية مثل المواقيت، والبيت الحرام، والحطيم، والمسعى، والصفا والمروة، وعرفة، والمزدلفة، ومنى.
و يضاف إلى هذين المنزلين، المناسك التي يؤدّيها الحاج، فهي في حدّ ذاتها من منازل رحمة الله، مثل التلبية، والإحرام، والطواف، والسعي، والوقوفين، والبيتوتة بمنى، والرمي، والنحر. وهذا هو المنزل الثالث من منازل الرحمة في الحج.
و المنزل الرابع، الاجتماع العظيم للمؤمنين في الزمان الواحد، والمكان الواحد.
والذين يعرفون رقائق أحكام هذا الدين، يعلمون جيّداً أنّ الله تعالى يحبّ اجتماع المؤمنين في عبادته وطاعته. وتجمّع المؤمنين في الذكر والدعاء والعبادة وتلاوة القرآن، أقرب إلى الله وإلى رضوانه ورحمته من الأداء الفردي للعبادات.
وقد يكون المجمع الذي يجمع المسلمين في العبادة الزمان، كما في صيام شهر رمضان، فإنّ شهر رمضان يجمع الملايين من المسلمين في العبادة والطاعة من أقاليم شتّى من العالم.
وقد يكون المجمع الذي يجمع المسلمين في العبادة والطاعة المكان، كما في العمرة، فإنّ الحرم الشريف، والبيت الحرام، يجمع عشرات الملايين من المسلمين للعمرة، ولكن في أوقات مختلفة، وأشهر عديدة من السنّة.